الرئيسية » بين الحقيقة والإشاعة : مشاركة قوات أمريكية في عمليات قتالية ضد الإرهاب في تونس؟

بين الحقيقة والإشاعة : مشاركة قوات أمريكية في عمليات قتالية ضد الإرهاب في تونس؟

نفت وزارة الدفاع التونسية بصورة قطعية ما تداولته بعض المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي حول تعرض عسكريين أمريكيين اثنين إلى جروح أثناء عملية عسكرية بجبل سمامة من البلاد التونسية خلال شهر أوت 2018. ماذا عن هذه الأخبار ومدى جدية من يبثها سعيا إلى تعكير صفو العلاقات التونسية الجزائرية.

من الجزائر: عمّار قردود

“لقد مرت أول مشاركة عسكرية أمريكية موثقة في تونس منذ الحرب العالمية الثانية دون أن يلاحظها أحد. في الشهر الماضي – أوت – ، أكد متحدث باسم القيادة الأمريكية في أفريقيا في تقرير مهم أن جنود مشاة البحرية كانوا متورطين في معركة شرسة في عام 2017 في بلد شمال إفريقي لم يكشف عن اسمه، حيث حاربوا إلى جانب قوات شريكة ضد مقاتلي تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. أقرت أفريكوم أن وحدة العمليات الخاصة البحرية شاركت في ثلاث عمليات.  ومع ذلك، فإن الأبحاث والتحليلات اللاحقة تشير بقوة إلى أن مشاركة الولايات المتحدة أكثر عمقًا. في الواقع ، فإن الأحداث الدرامية التي تم وصفها… تتماشى مع الأحداث التي وقعت في تونس، والتي كانت تحارب تمردًا منخفض المستوى في حدودها الغربية خلال السنوات السبع الماضية. تشير الأدلة إلى أن المعركة وقعت في جبل سمامة، وهو سلسلة جبال في محافظة القصرين ، بالقرب من الحدود الجزائرية. هناك، تكبدت الولايات المتحدة أول ضحية لها في تونس منذ الحرب العالمية الثانية”.

بطولات عسكرية أمريكية وهمية في جبال الشعانبي

هذا ما جاء في تقرير حديث تم نشره بالمجلة الأمريكية “ناشيونال انترست” بتاريخ 18 سبتمبر الجاري تحت عنوان “أمريكا توسع بهدوء حربها في تونس”، حيث أماطت اللثام عن تعرضّ عسكريين أمريكيين إثنين إلى جروح أثناء مشاركتهما في عملية عسكرية بجبل سمامة بولاية القصرين التونسية الحدودية مع الجزائر وفقًا لما أكدته لها قيادة الأفريكوم في 28 فيفري 2017. وقالت : “اشتبكت القوات الأمريكية مع مسلحين تابعين لقاعدة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، كتيبة عقبة بن نافع في تبادل لإطلاق النار، مما أسفر عن مقتل أحد العسكريين. كما استلزمت المشاركة طلبًا للدعم الجوي لتوجيه العسكريين. حاول الجهاديون بعد ذلك تطويق القوة الأمريكية-التونسية المشتركة من الخلف، مما أجبر قوات المارينز على إطلاق النار. بينما كانت على الأرض، كانت القوات الأمريكية أيضًا جزءًا من مكون الدعم الجوي. عندما أصيب جندي تونسي بجراح أصيب بها بعد أن أطلق النار عليه مرتين من قبل مسلحين كانوا يعيدون إطلاق النار بشكل دقيق، سيطر جندي أمريكي على المدفع الرشاش لإبقاء النيران ضد المسلحين وعالج الجندي التونسي الجريح في وقت واحد. وقد تكبدت وحدة مارين رايدر وقواتها الشريكة التونسية ضحية واحدة في المعركة، وتعافى كلاهما من جروحهما. في ذلك الوقت، أبلغت وسائل الإعلام المحلية عن الحادث دون الإشارة إلى أي مشاركة أمريكية”.

و جاء في ذات التقرير: “وفي نهاية المطاف، قامت القوات التونسية بتأمين موقع المعركة واستولت على بندقية شتير النمساوية والذخيرة وغيرها من الإمدادات. قتل اثنان من الجهاديين في العمل: تونسي وجزائري. وكان هذا الأخير متمرداً مخضرماً أصيب قبل عقد من الزمان بقصف جوي أمريكي أثناء قتاله تحت لواء تنظيم القاعدة في العراق، وفقاً لمذكرة سيرة ذاتية نشرتها القاعدة التابعة لـ “شمال أفريقيا”. ومع ذلك ، لم يتم ذكر أي مشاركة للولايات المتحدة فيما يتعلق بموته”.

و كشف ذات التقرير عن حقيقة و مدة الوجود العسكري الأمريكي في تونس : “حافظت الولايات المتحدة على وجود عسكري في تونس لمدة أربع سنوات ونصف على الأقل، مما يجعل من غير المحتمل أن تكون أحداث جبل سمامة حادثة منعزلة تقتصر على مجرد دور استشاري، كما زعم المتحدث باسم أفريكوم. وقعت المعركة التى شاركت فيها القوات الامريكية وسط حملة مكثفة تهدف الى طرد المسلحين من معقلهم الجبلى. قبل 11 يومًا من العملية المشتركة بين الولايات المتحدة وتونس، جرت عملية أخرى في موقع قريب في جبل سمامة، مما أسفر أيضا عن مقتل اثنين من المسلحين. من غير المعروف حاليًا ما إذا كانت القوات الأمريكية قد شاركت في العملية السابقة. يبقى السؤال المفتوح حول ما إذا كانت معرفة المواجهة الأمريكية في القصرين ستظهر في نهاية المطاف”.

و أوضح التقرير المعني أنه  : “منذ ثورة عام 2010، حملت تونس عبئاً من التوقعات كنموذج إقليمي للديمقراطية… وسكانها يتوقون للتقدم، مع مواجهتها لتحديات أمنية متزايدة. في هذا السياق، سعت الولايات المتحدة إلى الحفاظ على التحول الديمقراطي… في تونس بالدرجة الأولى عن طريق تعزيز قواتها العسكرية، التي حصلت على مساعدات أمنية متزايدة بشكل مطرد من 2014 إلى 2017. تتلقى تونس الآن مساعدات دفاعية أكثر من أي دولة أخرى في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل، باستثناء مصر. ظل الوجود العسكري الأمريكي مستمراً منذ فبراير 2014، عندما نشر البنتاغون فريقاً يتكون من عشرات قوات العمليات الخاصة في قاعدة نائية في غرب تونس. قام جنود تونسيون يرافقهم مستشارون عسكريون أمريكيون في مناسبة واحدة على الأقل باكتشاف وجود معسكر مسلح في القصرين. في السنوات التي تلت ذلك، قام قسم القوة الجوية في أفريكوم بكثافة بعثات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع في جميع أنحاء تونس من قواعد في سيغونيلا وبانتيليريا بإيطاليا. في أعقاب الهجوم الإرهابي الذي وقع في مارس 2015 في متحف باردو في تونس، قدمت القوات الأمريكية المساعدة …لعملية مكافحة الإرهاب التي استهدفت الأعضاء الأساسيين من كتيبة عقبة بن نافع في بلدة سيدي عيش في قفصة. كما يعمل موظفون أمريكيون وطائرات بدون طيار خارج قاعدة سيدي أحمد الجوية في بنزرت”.

وزارة الدفاع التونسية تنفي وجود قوات أمريكية في تونس

هذا ونفى الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع التونسية محمد زكري في تصريح لوكالة أنباء أفريقيا الرسمية في تونس، قائلاً: “وزارة الدفاع الوطني تنفي بصورة قطعية ما تداولته بعض المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي حول تعرض عسكريين أمريكيين اثنين إلى جروح أثناء عملية عسكرية بجبل سمامة من البلاد التونسية في فيفري سنة 2017”. وأكد المتحدث العسكري “بخصوص وجود بعض العسكريين الأجانب في تونس، أن الأمر يتعلق بالتكوين والتدريب وتبادل الخبرات لا غير”.

وأضاف نفس المصدر أن “التعاون العسكري مع أمريكا شهد تطورًا نوعيًا في مجال مكافحة الإرهاب لكن وجود بعض الأفراد من الجيش الأمريكي في فترات سابقة من سنتي 2016 و2017 مرتبط بتدريبات مشتركة وليس بالجانب العملياتي”. ولفت نفس المصدر إلى أن هناك أخبارًا مماثلة يتم إصدارها كل سنة في التوقيت نفسه تتحدّث عن علاقة الجنود الأمريكيين بتونس مثل خبر القاعدة العسكرية الأمريكية الموجودة بتونس الذي انتشر في 2017.

و تم خلال السنوات القليلة الماضية إثارة الوجود العسكري اللأجنبي و خاصة الأمريكي بالتراب التونسي، وهو الأمر الذي تسبب في جمود في التعاون بين الجزائر وتونس وأزمة ديبلوماسية غير معلنة لكن سرعان ما تم إحتوائها، بسبب رفض الجزائر لأية قاعدة عسكرية أجنبية بدول الجوار و توجسها من ذلك.

رابط تقرير المجلة الأمريكية.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.