الرئيسية » الأزمة السياسية في تونس : أزمة حزب حاكم وصراعات تموقع؟ أم أزمة منظومة برمّتها؟

الأزمة السياسية في تونس : أزمة حزب حاكم وصراعات تموقع؟ أم أزمة منظومة برمّتها؟


لا شكّ أن الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد خلال هذه الفترة ما فتئت تزداد حدّتها يوما بعد يوم في ظلّ ضبابية المشهد الحالي واحتدام الجدل حول بقاء حكومة الشاهد من عدمه, والتداعيات المحتملة في الحالتين, لاسيّما بتمسّك نداء تونس, الحزب الأغلبي سابقا, والإتحاد العام التونسي للشغل بضرورة رحيل الحكومة برمّتها, مقابل تمسّك حركة النهضة, الشريك القوي في الحكم, بإجراء تحوير جزئي على تركيبتها من أجل الحفاظ على الإستقرار الحكومي.

بقلم سنيا البرينصي

احتدام الجدل السياسي حول مصير حكومة الشاهد, خاصة بعد تجميد عضويته من حزبه مؤخرا, بما يعني رفع كل غطاء سياسي عنه, جعل مراقبين للمشهد يتساءلون عن طبيعة وحقيقة هذه الأزمة التي تعيشها البلاد, هل هي أزمة سياسية أم حكومية؟ أم أزمة مرتبطة بمنظومة الحكم ككلّ؟.

“أنباء تونس”, تحدّثت مع سياسيين من مختلف الأحزاب حول طبيعة هذه الأزمة ومالاتها الممكنة, في التقرير التالي:

اعتبر القيادي في الجبهة الشعبية, زهير حمدي, أن العنوان الأبرز لمستجدّات المشهد السياسي الراهن يؤكد أن الأزمة التي تشهدها البلاد ستتواصل في ظلّ عدم حرص الإئتلاف الحاكم, وخاصة حزب نداء تونس, على إيجاد حلول جدّية لما يجري.

وأكد زهير حمدي, في اتصال مع “أنباء تونس” اليوم الإثنين, أن حزب نداء تونس يتحمّل كامل المسؤولية في الأزمة السياسية الخانقة التي تشهدها البلاد, مضيفا أن الصراع الدائر داخل النداء هو صراع مصالح وتموقع تحضيرا للإنتخابات المقبلة.

وشدّد قيادي الجبهة الشعبية على أن هاجس نداء تونس هو كسب رهان الإنتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة, وليس العمل من أجل المصلحة الوطنية.

كما شدّد حمدي على أن الأزمة الداخلية التي يعيشها النداء تشكّل خطورة حقيقية على الوضع العام بالبلاد.

وفي الإطار ذاته, اعتبر زهير حمدي أن الأزمة الشاملة التي تعيشها بلادنا ترجع إلى ما أفرزته منظومة انتخابات 2014, مؤكدا أن هذه الأزمة تتعمّق يوما بعد يوم, كما أنها ستتواصل بالنظر إلى غياب إرادة سياسية من الإئتلاف الحاكم في إيجاد حلول جدّية لمشاكل البلاد.

من جانبه, اعتبر الأمين العام للحزب الجمهوري, عصام الشابي, في تصريح ل “أنباء تونس” أن مؤسسات الدولة في حالة تعطّل تام منذ نحو ستّة أشهر, موضحا أن سبب الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد هو صراع تخندق لمكوّنات الإئتلاف الحاكم استعدادا للإنتخابات المقبلة دون قراءة أيّ حساب لمصلحة البلاد.

ولفت الشابي إلى أن تخندقات مكوّنات الإئتلاف الحاكم من أجل الإستحقاق الإنتخابي المقبل ثلاثية الأبعاد, حيث نجد كل من رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي وحزب نداء تونس, ورئيس الحكومة يوسف الشاهد وفريقه, وحركة النهضة وفريقها.

وشدّد الشابي على أن منظومة الحكم الحالية خانت ناخبيها وتخلّت عن الدور المناط بعهدتها في تحقيق وعودها الإنتخابية, وفي معالجة الأزمة الشاملة للبلاد.

ولفت إلى أن حكّام تونس اليوم لم يفكّروا حتى في الدخول في هدنة سياسية من أجل المصلحة العليا للبلاد.

كما اعتبر الشابي أن الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال, معرّجا في الأثناء على الإجراءات الحكومية الأخيرة التي أعلن عنها الشاهد, وعلى رأسها التخفيض في أسعار السيارات الشعبية, داعيا رئيس الحكومة إلى محاربة غلاء الأسعار, لا التخفيض في أسعار السيارات الشعبية التي أصبحت من الكماليات بالنسبة للتونسيين.

وأكد عصام الشابي أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها حكومة الشاهد تصبّ في خانة تحصين المواقع وضمان الإستمرار في الحكم.

أما القيادي في نداء تونس, رضا بلحاج, فأكد ل “أنباء تونس”, أن الأزمة السياسية الحالية دخلت مرحلة خطيرة.

وأضاف أن نداء تونس لا يتحمّل المسؤولية في هذه الأزمة, وذلك بالرغم من المشاكل الداخلية التي يشهدها, معتبرا في الأثناء أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد هو سبب الأزمة.

وأوضح رضا بلحاج أن بقاء يوسف الشاهد في الحكم انقلاب على الدستور الذي ينصّ على أن الحزب الفائز في الإنتخابات هو من يعيّن رئيس الحكومة.

وأشار إلى أن تمسّك الشاهد بالبقاء في الحكم أدخل البلاد في شلل دستوري ومؤسساتي, وفق تعبيره.

من جهته, قال القيادي في حركة النهضة, عبد الحميد الجلاصي, في اتصال مع “أنباء تونس”, إن هناك إخلالات تتعلّق بالنظامين السياسي والإنتخابي في مرحلة ما بعد 14 جانفي 2011.

وقدّر الجلاصي أن هذه الإخلالات تصبح جزئية في حال وجود حزب حاكم يمتلك الرئاسات الثلاث.

وأكد الجلاصي أن الإشكال الكبير يكمن في مدى تجذّر الثقافة السياسية وعدم الوعي بالمسؤولية تجاه الناخبين, إضافة إلى عدم وعي المعارضة بأدوارها في الوضع الديمقراطي.

وأضاف أن سبب الأزمة التي تشهدها بلادنا يكمن كذلك في التداخل بين ماهو سياسي وبين ماهو منظّماتي, مبيّنا في الأثناء أن المسؤولية تقع بدرجة أساسية أيضا على الحزب الأغلبي وفق انتخابات 2014, الذي لم يستطع أن يتغلّب على مشاكله الداخلية فتمّ تصدريها إلى منظومة الحكم بأكملها.

وفي السياق ذاته, أكد الأمين العام لحزب التيّار الديمقراطي, غازي الشواشي, ل “أنباء تونس”, أن منظومة الحكم القائمة هي من تتحمّل المسؤولية الكاملة في الأزمة, وبدرجة أولى نداء تونس وحركة النهضة.

وأضاف الشواشي أن تواصل هذه المنظومة يعمّق الأزمة ويشكّل خطورة كبيرة على الوضع العام بالبلاد, مشبّها هذا الوضع بالأزمة السياسية التي عاشتها البلاد اواخر 2013.

ولفت إلى أن التوقيت الحالي غير مناسب بتاتا لأيّة أزمات سياسية, وخاصة بهذه الحدّة, لأن هذا الأمر يشكّل خطورة على المسار الديمقراطي برمّته.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.