الرئيسية » في علاقات حزب النهضة الإسلامي بالمشروع الأمريكي الصهيوني في الشرق الأوسط

في علاقات حزب النهضة الإسلامي بالمشروع الأمريكي الصهيوني في الشرق الأوسط

زيارات الغنوشي للولايات المتحدة متواترة بشكل يدعو للتساؤل حول جدواها لتونس…

الإدارة الأمريكية ساهمت في تصعيد حركة النهضة للحكم في تونس حتى تصبح ورقة تستخدمها للمناورات السياسية وخدمة أهدافها ومخططاتها فى المنطقة وخاصة عملية تطبيع الأنظمة العربية مع إسرائيل.

 بقلم أحمد  الحباسي

قلت فى مقالات وأراء سابقة أن هناك علاقة بين حزب الإخوان فى تونس وبين المجموعات الصهيونية الفاعلة فى الولايات المتحدة الامريكية وذكرت بما نشرته وثائق “ويكيليكس” حول وجود علاقات مصالح متشابكة بين قيادات حركة النهضة وبين وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وأكدت فيما أكدت أن تسفير الإرهابيين إلى سوريا لم تكن له علاقة أبدا بسعي الحركة لنصرة الديمقراطية فى سوريا ولا بأية قيمة من القيم الديمقراطية فهذا الأمر لا يمكن أن تفكر فيه حركة ترعرعت على خطاب التكفير ورفض كل مبدأ من مبادىء الديمقراطية المستقرة فى العالم المتحضر.

الإسلاميون ومشروع “الفوضى الخلاقة” والتطبيع مع إسرائيل

لقد ذكرنا دائما بخطاب مرشد الحركة راشد الغنوشى أمام مؤتمر الأيباك وهو الذى يمثل اللوبي الصهيونى داخل كواليس دوائر صنع القرار فى الإدارات الامريكية مهما كان لونها الحزبي و نوعية توجهاتها السياسية لنقول أن هناك قرارا أمريكيا بإفساح المجال للإسلام السياسى بصعود منصات الحكم فى كثير من الدول العربية وبالتحديد تونس ومصر  وسوريا وتركيا وأن تمكين الجماعات الإسلامية التكفيرية من هذه الفرصة ليس لوجه الله بل بمقابل قيامها بدور معين ومحدد و هو التطبيع مع اسرائيل وخدمة مشروع الفوضى الخلاقة المعد لتفتيت وتدمير الدول المعارضة للوجود الصهيونى الامريكي فى المنطقة.

كل هذه المعطيات التى ذكرت ولم أذكر لم تكن مبنية على رجم بالغيب لأنها وقائع منطقية ثابتة ظاهرة بوضوح من سياق الأحداث التي تبعت سقوط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن على و لعلها كانت سابقة لذلك الحدث غير أن إحراق وإتلاف ملفات البوليس السياسي قد فرط على عموم هذا الشعب اكتشاف كم كبير من الأسرار المرعبة تخص كبار هذه الحركة وكبار رموز الأحزاب الأخرى التي تلونت ولبست لبوس الثورة من باب التمويه والتضليل والمغالطة.

مشروع حركة النهضة ومصالح الصهيونية الأمريكية

ربما  هناك من يبعد عنه نظرية التصاق مشروع حركة النهضة بالمصالح الصهيونية الأمريكية في المنطقة العربية وربما هناك من سيتمسك بأدبيات الحركة التى صرخت دائما برفضها للعلاقة مع إسرائيل واعتبرت أمريكا الشيطان الأكبر لكن مجرد تنبيه هؤلاء الى خطاب المرشد فى معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى وفى معقل المحافظين الأمريكان الموالين لإسرائيل حين نطق بان “النزاع الفلسطينى الإسرائيلى لا يعنينا لأنه شأن خاص بين الفلسطينيين والإسرائيليين” وتذكيرهم بتصريح للسيد مارتن كريمر أحد كبار الباحثين فى شؤون الشرق الأوسط الذى كشف  فيه ان الغنوشي قد تنصل فى جلسة خاصة من تصريحاته الداعمة لحماس معتبرا أن البرنامج الإنتخابى لحركة النهضة لا يتضمن مناهضة التطبيع أو رفض العلاقة مع إسرائيل واستنتج الباحث ان الحركة قد اصبحت اليوم جزءا مما يسمى “الاسلام التركى الأطلسى المتأمرك”.

نحن ندرك طبعا دور المراكز  والمؤسسات الأمريكية في توجيه و صياغة القرار السياسي في الولايات المتحدة وندرك طبعا طبيعة العلاقة المتداخلة بين رموز هذه المراكز الدراسية البحثية وبين القيادات الصهيونية التي تدير الذراع العسكرية الأمريكية في المنطقة العربية باعتبار أن إسرائيل هي مجرد قاعدة أمريكية متقدمة لا تختلف عن القواعد الأمريكية الأخرى في الخليج العربى و لعل أشهر هذه المراكز المشبوهة هو معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى الذي يتبنى الدفاع عن المصالح الصهيونية ومؤسسة راند للابحاث التي يعتبرها المتابعون أهم المؤسسات الفكرية المؤثرة فى صنع القرار والمختصة فى دراسة شؤون الإسلام السياسي.

توفير “اليد العاملة” الإرهابية لتنفيذ المشاريع الأمريكية في الشرق الأوسط

هذه المؤسسات لا تخفى مساندتها لحركة النهضة ودعوة راشد الغنوشي لتقديم محاضرة امام “الأيباك”  وبحضور أغلب رموز  الموالين للمشروع الصهيوني في هذه المنظمة مثل  النائبين جوزيف ليبرمان وجون ماك كين يكفى مؤونة التعليق على مدى الإهتمام بهذه العلاقة و اقتناع الإدارة الأمريكية بأهمية الدور المطلوب من الحركة والتى عبرت عن استعدادها لتنفيذه مثلما حصل فى الملف السورى بتوفير “اليد العاملة” الإرهابية لضرب النظام وهدم البنية العلمية والإقتصادية السورية.

يجب التركيز هنا أن عملية تسفير الإرهابيين إلى سوريا هي عملية لوجستية ومالية واستخبارية معقدة لم تكن لتتم لولا التعاون الوثيق بين الأمن الموازي لحركة النهضة الذي فرضته فى وزارة الداخلية وبين المخابرات الإسرائيلية الأمريكية التركية القطرية الأردنية الفرنسية مما يؤكد خطر المشروع الذي تنفذه الحركة على مستقبل الإنتقال الديمقراطي فى تونس.

نحن نتذكر  ذلك الشعار  الذى أطلقته الإدارة الأمريكية عقب أحداث 11 سبتمبر 2001 “لماذا يكرهوننا” و نتذكر أيضا بالمقابل شعار حركة أنصار الشريعة وهي من مشتقات النهضة “اسمعوا منا و لا تسمعوا عنا” ولعل قبول الإدارة الأمريكية بصعود الحركة الى الحكم قد أزال السؤالين  من التداول وكشف أن راشد الغنوشي لا يختلف كثيرا عن حميد قرضاي الرئيس الأفغانستاني العميل المنصب لخدمة الامريكان.

نحن نتذكر أيضا خطب محمد مرسي قبل وبعد صعوده للحكم والتى تراوحت بين تهديد إسرائيل بالفناء و بين رسالته الشهيرة التى عنونها “عزيزى شمعون بيريز كم أتطلع الى رؤيتك”. لذلك يؤكد المحلل السياسى الأمريكى جوشوا موراشفيك إن الإدارة الأمريكية لا ترى مانعا من أن تصعد حركة النهضة للحكم لتصبح ورقة تستخدمها  للمناورات السياسية وخدمة أهدافها ومخططاتها فى المنطقة.

في هذا السياق كان لقطر دور فاعل فى تحفيز الحركة على الدخول فى مشروع تفتيت الدول الرافضة للوجود الصهيونى الأمريكي في المنطقة وفى هذا الاطار كان اجتماع ما سمي  منتدى امريكا والعالم الإسلامى المنعقد بالدوحة فى جوان 2012 بحضور أغلب المؤسسات الأمريكية الموالية لإسرائيل مثل مركز سابان لسياسات الشرق الاوسط  وهو المركز الذي ينشط فيه كبار رموز التطرف الصهيوني الأمريكى ولعل إصرار قطر على حضور عملاء الإسلام السياسي في المنطقة هذا الإجتماع يزيد فى قناعة المتابع بالفعل الاثم لحركة النهضة ويجعله يتساءل بجدية تامة : هل سنرى الجماعة قريبا فى تل ابيب؟

مقالات لنفس الكاتب منشورة بأنباء تونس

حكومة الشاهد عندما تتريث : تونس بين صراعات الداخل والخارج

في نكسات شعب الله المختار : كيف أصبح العرب أضحوكة بين الأمم ؟

عن السلطة وزراعة الخوف وسياسة الترويع الشامل…

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.