الرئيسية » عن السلطة وزراعة الخوف وسياسة الترويع الشامل…

عن السلطة وزراعة الخوف وسياسة الترويع الشامل…

الموت الشنيع لثلاثة قادة عرب : صدام حسين ومعمر القذافي و علي عبد الله صالح.

يلعن أبو الخوف الذي مارسته الأنظمة العربية ومازالت والذي عشناه طيلة عقود من الزمن ونكاد نورثه للأبناء والأجيال القادمة… يلعن ابو الخوف الذي كاد أن ينسينا القولة الشهيرة “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا”.

بقلم أحمد الحباسي

” زائر الفجر ” … “احنا بتوع الاوتوبيس” …”الكرنك” … هذه بعض عناوين الأفلام المصرية التى تناولت حقبة حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر و “حكم” رفيقه  صلاح نصر رئيس المخابرات سيء الصيت والذي تمكن من إخضاع عديد الفنانات المصريات الشهيرات فى فخ ممارسة الجنس وتصويرهن فى أوضاع مخلة بالاداب ومن ثمة استغلالهن في مراقبة وانتزاع بعض الأسرار من بعض الشخصيات المصرية والأجنبية المختلفة.

هذا ما تقوله زوجة صلاح نصر السيد اعتماد خورشيد فى كتاب مثير بعنوان “شاهدة على انحرافات صلاح نصر”.

لماذا استجابت  هاته الفنانات الشهيرات الى ضغوط  صلاح نصر وزبانيته ومن بعده الى ضغوط   سىء الذكر صفوت الشريف مستشار حسنى مبارك  ووزير إعلامه ؟

المشروع الإسلامي مبني على زراعة الخوف

الإجابة على هذا السؤال بسيطة جدا وهى الخوف من الفضيحة والخوف من السلطة ومن سوء استغلال السلطة. ولذلك من البديهى أن نطرح الأسئلة التالية: هل الخوف يزرع في النفوس ولماذا تذهب الأنظمة إلى زرعه وما هي الوسائل لزرعه فى النفوس وما هي النفوس القابلة للتطويع، وما هو نوع  الخوف المطلوب؟

لقد استغلت حركة النهضة  عامل الدين لزراعة الخوف بغاية فرض حالة من الحصار الذهني الكامل على المواطن المتلقى لتلك الخطب والقراءات المغلوطة للدين وكان استغلال الإسلام كدين مشترك مفترض بين الجميع كمدخل سهل  للإستعباد وفرض إرادة دينية تكفيرية وقحة تقوم فى ركائزها الأساسية على إجبار المتلقى أو المواطن بقبول حالة من الأمر الواقع التى تجعله بين خيارين لا ثالث لهما. الأول ان يكون مع هذا الفكر المتسلط الهمجى الإرهابي. وهو ما نرى باكورة إنتاجه فى أفغانستان وسوريا والعراق وغيرهم من دول العالم. والثانى ان يقف موقف المواجه الرافض لكل هؤلاء المنافقين الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على الدين والمتكلمين الحصريين باسمه و مأله هو التكفير المعلن و القتل تماما كما حدث للشهيدين شكرى بلعيد والحاج محمد البراهمى.

ان مشروع زراعة الخوف باسم الدين الذى نفذته حركة النهضة والإخوان المسلمون منذ أكثر من 80 سنة لا يختلف فى تفاصيله المرعبة وعناوينه الكبيرة عما حدث فى العصور المظلمة حين سيطرت الكنيسة باسم الدين فى أوروبا وزرعت الخوف فى نفوس الناس وتم قطع رؤوس المفكرين والمبدعين والفلاسفة والعلماء بل ان تلك الفترة الحالكة من التاريخ البشرى قد شهدت حرق “المشتبه بهم” أحياء أمام الناس تماما كما حصل إبان حرق الأبرياء في مقر شعبة باب سويقة من طرف الجناح العسكري لحركة النهضة الذي كان يقوده حمادى الجبالي وعلى العريض وغيرهما من القيادات.

عن الرئيس الأمريكى الراحل فرانكلين روزفلت قوله “الشيء الوحيد الذى علينا أن لا نخافه  هو الخوف ذاته  لأنه بلا إسم ولا عقل ولا مبرر بل هو مجرد رعب يشل طاقتنا التى نحتاج اليها  فتتحول رغبتنا فى التقدم الى الأمام الى حالة مستمرة من التراجع”.

سياسة زراعة الخوف للبقاء في الحكم

لذلك كثيرا ما نسمع عن الموت الشنيع الذى تمارسه الجماعات الإرهابية فى تونس أو في بعض البلدان العربية الاخرى وكانت هناك شواهد كثيرة مثل إحراق الطيار الأردنى معاذ الكبابسة وذبح الأقباط المصريين فى ليبيا وشواء بعض رؤوس الطيارين السوريين الأسرى وأكل قلوبهم بتلك الطريقة البشعة وتصوير عملية ذبح الجنود فى جبل الشعانبي من طرف الجماعات الإرهابية التي تنتمي لنفس الطيف السياسي لحركة النهضة ولمموليها القطريين.

من المشاهد الأكثر إيغالا والأكثر دموية في تاريخ المغرب المعاصر والذي نفذته المخابرات الفرنسية بالتعاون مع نظيرتها المغربية مشهد الشهيد المهدي بن بركة وهو يذوب في حوض من الحامض دون شفقة وتتبخر معه أحلام التحرر الذي ظل يحلم بها في منفاه الباريسي وقد كان منتظرا من هذا المشهد أن يرغم أحرار المغرب على إلقاء السلاح والقبول بالحلول السياسية المبتورة.

ما يحكى على جرائم إدريس البصري وزير الداخلية السابق فى عهد الملك الحسن الثاني  يفوق الخيال والوصف بل يؤكد ان الأنظمة العربية كلها تمارس زراعة الخوف للبقاء فى الحكم.

كانت ثلاثية الملك الحسن الثاني والجنرال أوفقير وإدريس البصري صفة مثلى لرسم الصورة “المثالية” عن أي شعب يريدونه: شعب منحي القامة كالأنعام يقبل عليهم متعرقا من الخوف يقبل “اليد  الكريمة” للملك الراحل. فأي إذلال أكبر من هذا؟ وأي مهانة حصلت لشعب  أكبر من هاته المهانة؟

الطاغية يرحل بنفس الطريقة التي روع بها شعبه

لقد قيل عن ثورة الفاتح فى ليبيا الكثير وما قيل قد كان على لسان المنتصر كما يحصل دائما فى كل الدول العربية لكنما يرفض الجميع الحديث عنه هو ما حصل من استبداد العقيد القذافي وضربه بالحديد والنار لكل معارضيه فلم يتبقى من قيادات ما سمي بالضباط الأحرار أو مجلس قيادة الثورة الا البعض ممن خيروا الإنحناء والصمت لأسباب مختلفة و قد رأينا كيف نكل العقيد  بزميله عمر المحيشي وكيف نكل بالمعارضين فى سجن أبو سليم الذى انطلقت منه شرارة الثورة الليبية.

لقد كان التجسس على المعارضة الخبز اليومي للمخابرات الليبية المنفلتة وكانت أياما عصيبة من الحياة الليبية لا يمكن نسيانها بالطي والصفح عن الماضي.

لقد تفنن العقيد شخصيا فى صناعة الخوف وكان منتظرا أن يرحل هذا الطاغية يوما ما بنفس الطريقة البشعة التي مارسها ضد شعبه وخصومه المعارضين لسياسة التفرد بالسلطة ونهب خيرات الوطن.

يلعن أبو الخوف الذى عشناه طيلة عقود من الزمن ونكاد نورثه للأبناء والأجيال القادمة… يلعن ابو الخوف الذي كاد أن ينسينا القولة الشهيرة “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا”.

مقالات لنفس الكاتب منشورة بأنباء تونس

منظمة أطباء بلا حدود، أو فضيحة الجنس مقابل الدواء

بالعربي الفصيح : هل الكلام ضد التيار أصبح ممنوعا ؟

عبد البارى عطوان أو فن نقل البارودة من الكتف إلى الآخر

 

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.