الرئيسية » بطاقة معايدة إلى كل المشردين السوريين

بطاقة معايدة إلى كل المشردين السوريين

 

بقلم أحمد الحباسي

أيها اللاجئون المشردون السوريون نحن العرب نستحق منكم كل شيء إلا العفو ونستحق منكم كل شيء إلا النسيان فلا تنسوا أننا من كتبنا صفحة بؤسكم وسطرنا مكان تشريدكم… لا تنسوا … لا تنسوا.

في عيونهم كل لائحات الإتهام و هذا الحر و الطقس الغائم الذى يرسل بعض السحب المتناثرة حولهم لابد أنها أوجعت كل الضمائر الحية التي كانت تتمنى أن تكونوا مع كل شعوب العالم تنعمون بالدفء داخل قلوب أهلكم وموطنكم ولكن وحوش الجزيرة أرادوا لكم أن تفترشوا الأرض في تركيا ولبنان والأردن والعراق وتناموا بين سيول المياه وتحت خيام بائسة متردية لا ترد البرد ولا المطر ولا الحر ولا الرياح العاتية و المخيفة.

مشردون بلا وطن ولا أهل ولا دولة تحميهم

حمد و عبد الله و سلمان وعبد الله الثاني وتميم وكثيرون من قادة الخليج ولبنان وهذا النظام العربي البائس هم من أصدروا حكما جائرا بأن تشردوا وأن يصنع من براءتكم قنابل موقوتة تهدد مستقبلكم الغامض وهؤلاء هم من يتباكون نفاقا على مصيركم ويجيشون إعلامهم ليقول أن ما حصل ويحصل هم أبرياء من مسؤوليته براءة الذئب من دم يعقوب بل هؤلاء من يبحثون لكم عن حل أممي وعن خيمة وعن كأس حليب وغطاء كمشردين بلا وطن ولا أهل ولا دولة تحميكم.

يتناسون ويتجاهلون أنهم بعثوا إلى بيتكم وحقلكم ومدرستكم وحضانتكم جحافل جيش النصرة وكتائب الفاروق لتنزعكم نزعا وتشردكم تشريدا من كل مكان من المفترض أن تكونوا فيه آمنين متصالحين متعبدين ويتعمدون بكل سوء نية أن يقـال أنهم من أتوا إليكم بالحرية والديمقراطية وأنهم الأب بيار و الأم تريزا الذين يحمل عقاب صقر ممثل تيار “المستقبل” التابع لسعد الحريري مهمتهم الإنسانية الإنقاذية على أكتافه لتصل إليكم في شكل رصاص وبنادق يقولون يا لسخرية القدر أنها أغطية صوفية وصناديق حليب.

في عيون حمد و عيون سلمان و من ذكرت من الحكام العرب لا بد أنكم رأيتم كل الحقد الأعمى الذي تحمله تلك العيون السوداء القبيحة وفي سحنات وجه هذين الرجلين و غيرهما الذين يمثلون الموت القادم على مهل في كل الدول العربية لا بد أنكم رأيتم بحسن نيتكم أن هؤلاء ليسوا عربا ولا عجما بل هم مجرد كائنات مسمومة مخيفة آتية من كواكب محمومة أخرى تنقل لكم الدمار والموت وتكتفي بعد وقوع البلاء والموت و إسالة دماء الأبرياء وهتك أعراض المحصنات وتشريد الملايين ببكاء التماسيح.

القرار بالتشريد جاء عربيا

هم يكرهون الأطفال والبراءة والحب والجمال والأحلام لأنهم جاؤوا للدنيا “كبارا” بأفكارهم القبيحة الحاقدة وقلوبهم الميتة وضمائرهم المسمومة على كل شيء مقدس اسمه عروبة وقومية عربية ودين جامع بل من المؤكد أن حمد لم يجد يوما وقتا لقراءة كتاب عشق أو قصة عاشق أو سيرة محبين وكيف يجد الوقت وأصحاب المقاولات الصهيونية في كل البلاد العربية لا يتركون له الوقت لاسترجاع أنفاسه وكيف يكون مولعا بقصص العشاق والحب وهو الذي قتل حلاوة البر بالوالدين وهي أكبر قصص العشق والعشاق.

لقد شردت إسرائيل الكثير ولكن هذه المرة جاء القرار بالتشريد عربيا قاسيا مؤلما لأن هناك في حكام العرب والخليج من لم يعد يحتمل أن تبقى الشعوب و الأطفال العرب في مكانها إلا صاغرة خانعة بائسة تترجى الصهاينة لقمة خبز يابس وشيء من كأس حليب ومن لم يعد يريد السماع عن كلمة مقاومة وتحدى ووقوف ضد الباغي الصهيوني المعتدى بل كل ما يريده سماعه من أفواه الكبار والصغار هو نعم ولا غير نعم.

اليوم يا أبناء سوريا التائهين المشردين بالقسر فى كل بقاع العالم أصبحتم مجرد رقم في كنش منظمات الإغاثة… هذا ما جناه عليكم حاكم السعودية وحاكم قطر وبندر لبنان سعد الحريري وهذا النظام العربي الميت الذي صوت لتشريدكم في جامعة الدول العربية والآن يقدم للعالم صورة قبيحة جدا عن قلوب عربية ميتة نجسة بل يقف ”أمين” الجامعة هذه بكل وقاحة ولا خجل بأنه يأسف – أي والله – على مصيركم وما لحقكم من بؤس هو المتسبب الأول فيه بصمته الرهيب المجرم.

غربة قبيحة تسبب فيها نظام عربي فقد عقله

لعلكم تنظرون من حولكم على مدار اليوم ولا تجدون أنفسكم إلا غرباء في دول عربية أصبحت ملاذات تهجير ومناطق عازلة تتمعش من مصيبتكم وتعتدى على حرماتكم ويلهف زبانيتها المتآمرون المتاجرون ما يترحم به البعض عليكم من فتات وما يقدمونه من أموال لشراء قليل من مستلزماتكم ولعلكم اليوم تكتشفون قبل الأوان ماذا تعنى عروبة وماذا يعنى حكام عرب وماذا تعنى مصير مشترك بل من الواضح أنكم ستكبرون بسنوات قبل الأوان لو استمرت حالتكم في هذه الغربة القبيحة التي تسبب فيها نظام عربي فقد عقله.

لو كتبت عنكم على مدار السنة لن أصف مصيبتكم وأوجاعكم ولو ذرفت كل دموع الدنيا لن أبرد ناركم ولو قدمت لكم كل الأماني فمن المؤكد أنكم ستلعنوني لأنني عربي وابن عربي وأحد زناة الليل الذين طعنوا براءتكم وسببوا تشريدكم ومع ذلك أصر على الكتابة حتى لا أموت بالحسرة والذل وأصر على الكتابة حتى ترفع بعض أصابع الاتهام إلى هذا النظام العربي العميل و إلى حكام السعودية وقطر والإمارات والأردن بالذات الذين أمعنوا في أرض العرب فسادا وكفرا.

لعلمكم أيها الأهل المعذبون في الأرض كلنا مسؤولون عن عذابكم لأننا وقفنا صامتين خائرين منحنين خجلين و كلنا متهمون لأننا نستكثر فيكم كلمة تنديد ونكتب في كل شيء و عن كل شيء وننسى مصيبتكم وفاجعتكم ولعلمكم فهذا الشعب العربي لم يعد ينجب صلاح الدين الأيوبي ولا خالد ابن الوليد ولا عمر ابن العاص بحيث لا مكان لكم اليوم في أمل لمن تصرخ “وا معتصماه”، لم يعد ذاك الشعب العربي الذي تتصورون أو قرأتم عنه في كتب التاريخ القديم وطالما مدحه مدرسكم وخطباء الساحة السياسية والثقافية وحاول أن يصلكم بحضارته وأمجاده بل نحن بقايا متناثرات عربية متفرقة منزوعة الدسم مر عليها طوفان العمالة والكفر الخليجي ولم يترك منها إلا معالم مندثرة لا تفيد بوجود حضارة و لا تاريخ.

نحن نستحق منكم كل شيء إلا العفو ونستحق منكم كل شيء إلا النسيان فلا تنسوا أننا من كتبنا صفحة بؤسكم وسطرنا مكان تشريدكم … لا تنسوا … لا تنسوا.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.