الرئيسية » رأس الداء في تونس طبقتها السياسية

رأس الداء في تونس طبقتها السياسية

بقلم بوجمعة الرميلي قيادي سابق بنداء تونس

أي جواب على حيرتنا الكبيرة ؟

تونس ليست بخير والمتسبب في ذلك طبقتها السياسية بكل أطيافها والتي من مختلف مواقع السلطة والمعارضة أضاعت مصلحة البلاد وزجت بها في مطبات الصراع على المواقع بكل الوسائل بما أدخل التشويش على دواليب الدولة وأربك الاقتصاد وأضعف المالية العمومية والخارجية ونشر الاحتكار وغلاء الأسعار على نطاق واسع وزرع الشك ونزع الثقة من طرف مختلف الأوساط وأنواع الفاعلين ووصل حتى محاولات التدخل المباشر في الشؤون التونسية وضرب استقلال القرار الوطني.

وبالرغم مما باءت به النتائج الانتخابية البلدية من حكم سلبي جدا في خصوص الأحزاب وخاصة الحاكمة منها فإن تبويب المرتبة الأولى في الترتيب للقوائم المستقلة بما فيه الفوز برؤساء البلديات، يعد من أهم المؤشرات النوعية الجديدة التي ستحكم المستقبل الآني والآتي والتي تعني بالأساس توجه رغبة التونسيين وطلبهم السياسي نحو إعادة بناء المشهد السياسي إعادة كاملة وشاملة تقطع خاصة مع ما مثلته تجربة نداء تونس من أمل وطني وشعبي وديمقراطي وتقدمي تحول إلى خيبة أمل وكارثة نتيجة العقلية المتخلفة التي تتصور أن حزبا وطنيا بوزن نداء تونس يمكن تحويله إلى مغازة بالباتيندة بين أيادي طفيلية وصبيانية لا نسبة لها ولا مناسبة بالطموح التونسي الجديد والمتجدد.

ولا شك أن البحث عن الحل التونسي المطلوب اليوم يشغل بال الكثير، لكن دون أن يتضح على أي قاعدة سيبنى الحل وعلى أي نوع من دروس التجربة سيؤسس. بينما التوجه واضح، ويعني بناء ممارسة سياسية جديدة تنبذ الزعامتية وتنفتح على المجتمع في الجهات والأحياء السكنية والشباب ومختلف الفئات وتعطي للديمقراطية التشاركية معناها الحقيقي وتصد الأبواب أمام الانتهازيين الذي لا يريدون إلا التمعش من الدولة وتقضي على الجهوية والمحسوبية والفئوية وتناهض الاستقواء على الدولة وابتزازها باسم موازين القوى وتضرب في الصميم المافيا والاحتكار واستغلال المستضعفين وتعيد للدولة العادلة والديمقراطية والحامية لحقوق الانسان هيبتها وبريقها ونخوة التفاني في خدمتها ومن خلالها خدمة المجموعة الوطنية بدون انحياز أو تمييز.

إن تونس لن تستعيد بوصلتها المفقودة إلا إذا عادت إلى نفسها واسترجعت القيم التي جعلت منها أمة محترمة بين الأمم ومن شعبها شعبا مناضلا محبا للسلام ومتطلعا للحرية والتحرر والسؤدد والاستقلال والكرامة والمناعة والمساهمة الفعالة في التقدم بالبشرية جمعاء نحو مزيد التفاعل الإيجابي والتكامل المفيد والقبول بالغير ونبذ التطرف والعنف والإرهاب والكراهية ورفض الآخر على أساس لونه وعرقه ودينه ولغته وثقافته.

إن الحل فينا ومنا وإلينا يتوقف على المبادرة بمد اليد لبعضهم لبعض من طرف الملايين من التونسيين الذين رغم الصعوبات لم يتخلوا عن الإيمان بتونس، خارج أي وصاية أو زعامتية أو منقذين أفذاذ أو منصبين أنفسهم قوامون على غيرهم من القصر، وإنما كتمشي أفقي في الأصل، لكنه يصعد في بناءه من القاعدة إلى القمة وليس العكس وخاصة ينفتح كليا على الآراء والمساهمات والأفكار ويعمل على تعبئة القوة الهائلة الكامنة فينا وإلى الترويض السلس لطاقاتنا الهائلة والمتنوعة لتتحول إلى قوة خير وتجميع تبني وتطور نفسها بنفسها وتتحكم في مصيرها وترسم وتحقق المستقبل الذي تريد وتخرج الديمقراطية من حصر دائرتها في اللعبة الانتخابية حتى ولو كانت شكلية فارغة لتحولها إلى مشروع مجتمعي متحضر وسلوك راقي واشتغال جماعي على أهداف موحدة ومعبئة ومحفزة للهمم.

 

 

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.