الرئيسية » أغرب ملف في تاريخ تونس المعاصر : اشكون شاف القناصة ؟

أغرب ملف في تاريخ تونس المعاصر : اشكون شاف القناصة ؟

بقلم أحمد الحباسي

ربما هو السؤال الأهم في ملف أسرار الثورة التونسية الذي لا يزال معلقا بدون جواب، لا يزال معلقا لأن هناك أطرافا سياسية داخلية و أطرافا أجنبية لا تريد لهذا الملف أن يفتح وأن يتم الإفراج عن كميات المعلومات والأسرار والخفايا والخلفيات التي تملكها هذه الأطراف المتآمرة على تونس.

إثارة الفوضى ورفع منسوب التوتر إلى أشدّه

بطبيعة الحال يأتي في طليعة المتهمين الكبار بإخفاء المعلومات رئيس حكومة حركة النهضة حمادي الجبالي، ونحن نقول هذا ليس من باب التجني على الرجل معاذ الله بل نظرا لخلفيات تاريخ الرجل في العمل السري وما قام به من عمليات إرهابية عسكرية تجاه أبناء الوطن في مواقع كثيرة لا تزال موضع نقاش وإسالة كثير من الحبر.

الإسم الموالي هو على العريض وزير الداخلية ورئيس الحكومة السابق وهذا الرجل الذي سهل فرار اكبر إرهابي في تونس وهو أبو عياض وتعلقت به شبه المشاركة في الإرهاب بالوقوف وراء شبكات التسفير وتسخير الأمن الموازى لخدمة هذا المشروع الرامي لتدمير سوريا خدمة لإسرائيل و حلفائها في المنطقة.

أما الجهة الخارجية التي يمكن أن تكون طرفا في الإتهام فهي المخابرات القطرية بالتعاون مع الموساد الصهيوني و لما لا المخابرات التركية.

يعتقد كثير من المحللين انه رغم محاولات قطر المتكررة إنكار دورها التخريبي في المنطقة العربية بشكل عام، إلا أن الحجج التي تدينها تبرز بين الحين والآخر لتفنّد ادّعاءاتها الكاذبة.

طبعا هناك أدلة كثيرة على تدخل المخابرات والمال النفطي القطري في الشؤون الداخلية التونسية، وعلى الأقل هناك اتهامات واضحة بالدليل والبرهان كشفتها صحيفة “الثورة نيوز” التونسية وكتاب فرنسي “قطر هذا الصديق الذي يريد بنا شرا” أثار كثيرا من اللغط الإعلامي والسياسي بين الدوحة وقصر الإيليزي و كاد يتسبب في قطع العلاقات بين البلدين بعد أن تعالت عدة أصوات فرنسية مطالبة بالبحث في هذا الملف وطبعا وثائق ويكيليكس الشهيرة، لكن هذه المرة يأتي الدليل من الصحفي الفرنسي أوليفييه بيو الذي كشف تجنيد قطر قنّاصة لاستهداف المتظاهرين خلال أحداث 2010ـ2011 لإثارة الفوضى ورفع منسوب التوتر إلى أشدّه.

ما يستعرضه الصحفي لقي إهمالا مقصودا من كثير من الصحف ووسائل الإعلام التونسية رغم أن هذا الملف الساخن مازال إلى حد الساعة تحوم حوله كثير من الشكوك وعلامات الغموض بل يمكن اعتباره أحد الغاز الثورة مثله مثل لغز الساعات الأخيرة لمبارحة الرئيس بن على قصر قرطاج وما حيكت حوله من أساطير وخرافات وأراجيف يندى لها الجبين نظرا لكونها روايات غير دقيقة ومغرضة كان المراد منها استغلال لحظات الثورة وما تبعها من غضب شعبي.

في الدور القطري الإسرائيلي والفوضى الخلاقة

يعرض هذا الصحفي في شريط فيديو منشور عبر مواقع التواصل الإجتماعي شهادته الشخصية على أحداث الثورة التونسية مرفقة بشهادة ضابط فرنسي يقول “كنت في حانة بمطار تونس قرطاج الدولي يوم 13 جانفى 2011 ورأيت بأم عيني أشخاصاً تتراوح أعمارهم بين 25 و40 عاماً يرتدون الملابس نفسها سراويل بنية وقمصانا صفراء كانوا يحملون حقائب سوداء كبيرة في أيديهم اليمنى وحقائب رمادية صغيرة على اليسار وقد عبروا قاعة المطار قبل أن يصعدوا على متن سيارات سوداء كانت في انتظارهم بالخارج لافتا إلى أنه ظل يتابع تحرّكات المجموعة.

ينتهي الصحفي إلى التأكيد أن بعض هؤلاء المرتزقة جندتهم قطر مقابل 1000 إلى 1500 دولار يومياً في تونس لاستهداف المتظاهرين.

هذا التقاطع المثير في المعلومات حول الدور القطري لا يمكن أن يكون عفويا أو بعيدا عن التدبير الصهيوني لأن المكشوف اليوم أن قطر هي الأداة التي تستعملها إسرائيل و الولايات المتحدة الأمريكية لضرب الاستقرار في المنطقة وتفتيت الدول العربية في تنفيذ حرفي لمشروع الفوضى الخلاقة التي بشرت به وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندليزا رايس وبدأ تنفيذه بعد الغزو الأمريكي للعراق في سنة 2003.

في الحقيقة أن عملية الاستعانة القطرية بالقناصة لم يكن لغاية إفشال الثورة كما اعتقد البعض لكن الأمر كان يتعلق بدفع المواطنين إلى حرب أهلية يتم استغلالها للإستيلاء على الحكم من طرف جماعة النهضة وفرض دولة الخلافة فرضا على الشعب التونسي.

ملف القناصة تشوبه السرية التامة والتكتم الشديد من كل الحكومات المتعاقبة بعد الثورة بل هناك نية و إرادة سياسية للتعتيم و قبر الملف إلى الأبد وهو نفس الموقف الذي اعتمدته الحكومات المتعاقبة في ملف اغتيال الشهيدين شكري بلعيد والحاج محمد البراهمى، لكن يبقى السؤال من يخدم هذا التعتيم ومن هي الجهات الخارجية النافذة التي تسعى إلى طي الملف نهائيا ولماذا خرج علينا رئيس الحكومة السابق والرئيس الحالي بتلك المزحة الثقيلة حين طالب كل من يدعى بوجود القناصة أن يأتيه بواحد منهم.

إن التقرير الذي أعدته لجنة تقصى الحقائق بإشراف الأستاذ توفيق بودربالة قد أكد حتما وجود القناصة لكنه فشل في الوصول إلى عدة معلومات بعد أن أقفلت عدة جهات من بينها وزارة الداخلية الباب في وجه اللجنة لأسباب بقيت مجهولة.

الغريب أنه لا المجلس التأسيسي ولا مجلس النواب ولا دكاكين المجتمع المدني ولا المحامون ولا القضاة ولا إتحاد الشغل ولا بقية الأجهزة الإعلامية قد اهتم بهذا الموضوع رغم كونه عنصرا مهما في فهم ما حدث في الساعات الأخيرة قبل رحيل الرئيس السابق.

ملف القناصة المغيب ودور الحركة الإسلامية في إشاعة الفوضى

إن وجود القناصة يعتبر حقيقة ثابتة غير أن اللغز الذي لا يزال عالقا هو هوية هؤلاء القتلة المأجورين ومن مولهم ومن أتى بهم و كيف دخلوا البلاد بل لماذا أصرت حكومة حمادي الجبالى على تلبيس الجيش هذه القضية وهل كان المطلوب في تلك اللحظة من الإخوان المسلمين ومن المخابرات القطرية افتعال أزمة تطيح بالمؤسسة العسكرية شعبيا.

إن مجرد ظهور القناصة بعد ساعات من هروب بن علي وقبل أن يحتفل الشعب بنجاح الثورة، وشروعهم في عمليات الإغتيال والقتل لخلق مناخ متوتر يعطي الإنطباع للمتابعين بوجود حلقة منقوصة في مسار أحداث الثورة، ويسوغ للبعض إطلاق بعض التساؤلات حول العلاقة الآثمة بين قطر والإخوان والنهضة والمخابرات الصهيونية. إضافة طبعاً إلى التنسيق مع المخابرات الأميركية. علاقة آثمة دفع الشعب التونسي ثمنها حين قطعت حكومة الترويكا العلاقات مع سوريا ودخلت في مساندة مفضوحة لما يسمى بأصدقاء سوريا الذين يقف وراءهم اللوبي الصهيوني الراغب في التخلص من نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

فهل أن سقوط الإخوان في مصر هو من أرجع حركة النهضة إلى صوابها؟ وهل ستكشف الأيام عن هوية القتلة وعن كل خلفيات هذا الحدث المرعب في تاريخ تونس؟ يشك المتابعون في الأمر لأن كشف لعبة المخابرات الدولية أمر عسير، ويستشهدون في هذا المضمار بـ “موت” حقيقة اغتيال الشهيدين شكري بلعيد والحاج محمد البراهمي.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.