الرئيسية » تونس وسادتها الفاسدون المحترمون…

تونس وسادتها الفاسدون المحترمون…

 

 

 

بقلم أحمد الحباسي

في مطالعة لآخر تقرير أعدّته منظمة ”مجموعة الأزمات الدولية“ على خلفية الأوضاع السياسية والاقتصادية في تونس خاصة بعد الانتخابات الرئاسية لسنة 2014 نقرأ أنّ ”حوالي 300 رجل ظلّ يتحكمون في تونس و يعرقلون مسار الإصلاحات و المشاريع التنموية وفق أجنداتهم و مصالحهم الشخصية“.

و اللافت في هذا التقرير الذّي يحمل عنوان ”الانتقال المعطّل : فساد و جهوية في تونس“ الإشارة إلى أنّ ” مظاهر الإثراء في المناصب السياسية والإدارية و المحسوبية والسمسرة أصبحت تنخر الإدارة التونسية والطبقة السياسة العليا في تونس وتغلغلت داخل الأحزاب وبلغت حتّى البرلمان التونسي“.

لوبيات الفساد تفسد الإقتصاد والسياسة والمجتمع
في تصريحات سابقة لبعض رجال الأعمال ما مفاده أنه قد تم “شراء” ذمم بعض نواب الشعب وأن هناك نواب يمثلون لوبيات الفساد التي تشرف على قطاع التهريب الذي أصبح يمثل أكثر من 50 في المائة من اقتصاد البلاد وهو وضع لم يعد مقبولا في ظل ما يعانيه الاقتصاد التونسي من موت سريري نتيجة أكثر من 3 سنوات مدمرة من حكم حركة النهضة.

في مطالعة لما تسرب من محاضر استنطاق رجل الأعمال الموقوف شفيق جراية هناك حديث عن زواج متعة ومصلحة بين المال الفاسد وتجارة السلاح وشراء الذمم السياسية والتخابر مع دولة أجنبية.

بطبيعة الحال لسنا في وارد النبش في ملف قضائي ومع إقرارنا بأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته لكن من حقنا أن نتساءل بعفوية تامة ماذا لو طبق القضاء ضد هذا المتهم المبدأ المعروف : من أين لك هذا؟
يؤكد تقرير “مجموعة الأزمات الدولية” أن البرلمان أصبح مركز التقاء الشبكات الزبائنية وأنّ عديدا من النوّاب أصبحوا مختصين في السمسرة والتربح من الفساد.

هذا الاستنتاج المرعب يدفع المتابعين إلى التساؤل حول الأسباب التي دفعت رئيس حكومة الحرب أو ما يسمى اصطلاحا بحكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها السيد يوسف الشاهد إلى تجاوز مضمون هذا التقرير رغم أهميته وأهمية المعلومات الخطيرة الواردة فيه.

وهل أن هذا الصمت والتجاهل المريب ناتج عن خضوعه إلى ضغوط سياسية هائلة من طرف الحزبين الرئيسيين المكونين للحكومة أم هو ناتج عن هروب متعمد منه من مواجهة هذه اللوبيات القادرة على التسبب في زعزعة استقرار البلاد أم وهذا الأخطرهناك مكاييل مختلفة في معالجته لمشكلة الحرب على الفساد وما يتحدث عنه البعض بلسان معلن من انتقائية مقصودة ومتعمدة ضد بعض الأطراف دون غيرها فيما اعتبره البعض حالة من حالات تصفية الحساب والضرب تحت الحزام بين رئيس الحكومة ورئيس حزب نداء تونس حافظ قائد السبسى خاصة في علاقة إيقاف رجل الأعمال شفيق الجراية المحسوب على هذا الأخير والمعروف بكونه قد كان من ابرز الممولين للحملة الانتخابية الرئاسية والتشريعية لحزب نداء تونس سنة 2014.

تسفير الإرهابيين التكفيريين و الأموال الخليجية القذرة
يعتبر ملف تسفير الإرهابيين التكفيريين إلى سوريا والبحث عن الأموال الخليجية القذرة التي تمول عمليات تسليح و تدريب وإيواء وإخفاء ومد الجماعات الإرهابية بكل ما تحتاجه من وثائق مزورة من أكثر الملفات المعقدة التي تنتظر البت فيها وكشف كل الحقائق المتعلقة بها خاصة وأن الاتهام موجه إلى حزب حركة النهضة الشريك الأساسي في حكم البلاد والطرف المعروف بعلاقته لمشروع الفوضى الخلاقة الذي يهدف إلى ضرب عناوين المقاومة العربية خاصة سوريا وحزب الله والمقاومة العراقية.

علاقة حركة النهضة التي تدعى تحولها من حزب دعوى إلى حزب سياسي بتمويل الإرهاب وممارسته والدفع إليه واعتباره الوسيلة القادرة على إيصالها للحكم وإنشاء دولة الخلافة ليست علاقة سرية ولا مجرد اتهام سياسي انتهازي بل هي علاقة مسترابة قائمة تم الإشارة إليها في وثائق ويكيليكس وفي تصريحات عديد السياسيين التونسيين وبالذات الرئيسة السابقة للجنة التحقيق البرلمانية في ملف تسفير الإرهابيين النائبة ليلى الشتاوى وفي الوثائقي الأخير الذي بثته إحدى محطات التلفزيون الجزائري وقد تضمن هذا الوثائقي معلومات مهمة وعلى درجة عالية من الخطورة على كل المستويات،

في علاقة بهذا الموضوع التقرير الذي نشرته الأسبوعية التونسية “الثورة نيوز ” والذي تضمن معلومات ووثائق على غاية من الأهمية حول العلاقة الآثمة بين المخابرات القطرية وحركة النهضة وموضوع تمويل الإرهاب والمال الفاسد المسخر لضرب الاستقرار في البلد.
المثير أن التحقيق الذي فتحته النيابة للاستقصاء حول هذا الموضوع بعد أن سال كثير من الحبر قد ركن في الرفوف و لم نجد من “نوابنا ” في مجلس نواب الشعب أي تساؤل أو مجرد استفسار ونحن نشير هنا بالطبع إلى النواب سامية عبو، ياسين العيارى، عماد الدايمى، سالم لبيض، المتعودين على إثارة زوابع لفظية لأسباب تقل أهمية من أهمية هذا الموضوع الخطير على امن الدولة.

لوبيات الظل و حكومات الأيادي المرتعشة
“إنّ رجال الظلّ هم رجال أعمال نافذين وهم من يحركون خيوط اللعبة في الكواليس للدفاع عن مصالحهم الاقتصادية وصفقاتهم المشبوهة، وهم من يؤثرون طبعا في الأجندات الإعلامية و السياسية والمؤسّسات العمومية للبلاد”…

نحن نتحدث إذن عن حكومة ظل أو لوبى ظل إن صح التعبير هي من تتحكم في مصير البلاد والعباد وهذا على الأقل ما يفسر في نظرنا ذلك “الاتهام” الموجه إلى رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد بكونه يعانى من التردد في اتخاذ القرار والأيادي المرتعشة، نفس الاتهام يوجهه الاتحاد العام التونسي للشغل وعدة قيادات سياسية مثل محسن مرزوق وعصام الشابى إلى رئيس الحكومة الحالي السيد يوسف الشاهد.

هذا يرجعنا إلى كل ذلك الهرج والمرج اللفظي حول حكومة الظل التي يدريها رجل الأعمال يوسف اللطيف والتي لم يعد يتحدث عنها أحد رغم ما كل ما سال من حبر حول وقوفه وراء كثير من الأزمات السياسية في فترة حكم الترويكا.

بطبيعة الحال هناك اتهامات صريحة من قناة العربية ومن عدة نواب وسياسيين وجهت للنائب محمد الفريخة صاحب شركة الطيران “سيفكاس ايرلاينس” بكون الشركة هي من تقوم بنقل الإرهابيين إلى سوريا، هذه الاتهامات بقيت حبرا على ورق خاصة على مستوى التحقيق في مجلس نواب الشعب مما يؤكد أن البحث في ملف الشبكات الإرهابية هو الملف المحظور الذي يرفض بعض نواب الشعب فتحه لأسباب باتت معلومة على رأى تقرير “مجموعة الأزمات الدولية” ، ليبقى السؤال : متى يفتح ملف السادة الفاسدين المحترمين ومتى يفتح ملف الفساد بصورة جدية، هل سيقف رئيس الحكومة أخيرا إلى جانب تونس كما وعد؟

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.