الرئيسية » صنف كتراث مغاربي مشترك: دعوة جزائرية لتسجيل الكسكسي كـ”منتوج سلام”

صنف كتراث مغاربي مشترك: دعوة جزائرية لتسجيل الكسكسي كـ”منتوج سلام”

   

  من الجزائر: عمّــــــــار قــــــــــــردود

  

     كشف وزير الثقافة الجزائري، عز الدين ميهوبي، أن الدول المغاربية ممثلة في الجزائر وتونس والمغرب وموريتانيا وليبيا اتفقت على تقديم اقتراح لليونسكو لتسجيل الكسكس كمنتوج للسلام.

وفي كلمة ألقاها بالعاصمة الفرنسية باريس، بمناسبة تدشين الأسبوع الأفريقي بمنظمة  اليونيسكو، عاد الوزير ميهوبي إلى الإحتفال باليوم العالمي للعيش معا في سلام، حيث ضرب مثالاً باحتفال الجزائريين بطرق مختلفة للتعايش من خلال تناول طبق الكسكسي.
وذكر ميهوبي أن ممثلين عن الجزائر والمغرب وتونس وموريتانيا وليبيا اجتمعوا بالجزائر العاصمة منذ أيام واتفقوا على اقتراح تسجيل طبق الكسكس من طرف اليونيسكو كمنتوج “لمعرفة ومهارة القرن ومصدرا للقيم والممارسات لصالح  العيش معا في سلام”.
و كان مدير المركز الجزائري للأبحاث فيما قبل التاريخ وعلم الإنسان و المؤرخ “سليمان حاشي” قد أعلن عن انعقاد اجتماعات قريبًا بين خبراء من بلدان المغرب العربي في إطار مشروع تصنيف تراثها المشترك في فن الطبخ  الكسكسي-أو الكسكس- كتراث عالمي من طرف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة  “اليونسكو”.
وصرح المسؤول الجزائري لوكالة الأنباء الجزائرية أن” ملف تصنيف الكسكسي كتراث عالمي هو مشروع مشترك بين  بلدان المغرب العربي” مضيفًا” أن اجتماعات للخبراء من بين هذه البلدان ستعقد  قريبًا”.
وعلقت من جهتها السيدة “ويزة غاليزي”و هي باحثة بنفس المركز بقولها أن “هذا التصنيف سيسلط الضوء على هذا الطبق العريق والعابر للثقافات” مضيفة أن “الكسكسي بقي أصيلاً رغم مرور الزمن”.
وأضافت المختصة في الميراث الثقافي أن التصنيف “المحتمل” لهذا الموروث كتراث عالمي سيكون “اعترافًا وأداة لتعزيز الروابط المتينة بين الشعوب التي  تستجيب  لنفس التقاليد من خلال نفس التعابير المتعلقة بالطبخ، من حيث إن الكسكسي،  وككل  عنصر ثقافيي يُعدّ وسيلة لتقريب الشعوب من بعضها بعض”.
كما تؤكد الباحثة على أن “متطلبات اليونسكو تتمثل في وجوب تعبير المجتمعات عن  حس الانتماء والتملك حيال العنصر الثقافي” المراد تصنيفه، قبل التلميح إلى أن طبق الكسكسي يمثل “مركبًا من مركبات الهوية الثقافية،  يرمز إلى كل ما هو قرباني  ويميز الأحداث الهامة، في السعادة أو المأساة، على مستوى العائلات والجماعات”.
وتواصل المختصة بتأكيدها على أن طبق الكسكسي يمثل بالنسبة لهؤلاء الشعوب  “وسيلة للتعبير عن تضامنها علاوة على علاقتها بالطبيعة”ي معتبرة أن الدول  المغاربية “أمام داعي الشروع المشترك في دارسة واسعة النطاق لأجل الإحاطة  بمعالم “هذا الموروث المشتركي متأسفة على كونه لا يشكل حتى اليوم سوى عنوانًا  جزئيًا أو كليًا لبعض الكتابات دون أن يرقى إلى ما هو مطلوب.وفي استجواب لها عن القيمة الاقتصادية لهذا الميراث القديمي تعتبر السيدة  “غاليز” أن الكسكسي في مجمله أهم من البترول إذ اجتاز الحدود ولقى اعترافًا  دوليًا به طالما أنه حاضر في خمس قارات”.
وبتطوره المتدرج، تم “تصنيع” هذا الطبق و”اثراءه” من حيث ارتباطه بكل أنواع اللحوم، مما يؤدي بشكل ضروري حسب المختصة، إلى “التفريق بين الكسكسي الشائع حاليًا، والكسكسي التقليدي والكسكسي المُعدّ بالخضراوات أو بقليل من اللحمي طالما أن الأمر غير متعلق بالبحث عن الطبق الأفضل أو الأغلى وإنما بالذوق الذي  تمنحه العبقرية البشرية لهذا الطبق ككل”. وهو طبق “تمنح له التقاليد كذلك قيمة وتاريخًا وسببًا في الوجود” تواصل الباحثة، مؤكدة على الدور النسوي الهام في استمرارية هذا الميراث الثمين.
وفي سؤال عن كيفية حصول الدول المعنية عن أرباح اقتصادية من جرائه، أشارت السيدة “غاليز” إلى ضرورة وجود “إرادة سياسية” حيال هذا الأمر، منوهةً بإمكانية  “الدفع” بطبق الكسكسي في الجزائر في مسار تطوير القطاع السياحي.وفي هذا الصدد،  تأسفت لغياب مطاعم كبيرة “متخصصة” في منوعات الكسكسي،  بحكم شيوعها دولياً، والتي من شأن أي سائح أجنبي أن يدرجها في مسار رحلته”. وحتى  أسوء من ذلك، لا يوجد أي “دليل” حول مختلف المطاعم التي لها تخصص في ذلك.
الحرب إندلعت بين تونس و الجزائر و المغرب فلمن تعود ملكية هذا الطبق التقليدي القديم قدم التاريخ؟
و منذ سنوات يثير طبق الكسكس نزاعًا حادًا بين الدول المغاربية الثلاث الجزائر والمغرب وتونس. حيث أن كل دولة تريد ان تدرج طبق “الكسكسي” في قائمة التراث العالمي لليونسكو بإسمها و إن كانت الجزائر هي أول من بادر بذلك فلمن تعود ملكية هذا الطبق التقليدي القديم قدم التاريخ؟ رغم أن بعض الجهات إقترحت-كحل توافقي- على إعتباره تراثًا مشتركًا و أن لكل دولة بصامتها الخاصة عليه،و على هذا الأساس يعكف خبراء من بلدان مغاربية على دراسة مشروع موحد لضم طبق الكسكس التقليدي لقائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو”.ويسعى خبراء في فن الطبخ والأبحاث التاريخية من الجزائر وتونس والمغرب منذ سنوات إلى ضم طبق “الكسكسي” لقائمة التراث العالمي لليونسكو نظرا لقدم هذا الطبق واختصاص الدول الثلاث في تحضيرها.


وكانت الجزائر في العام 2016 قد أعلنت عن نيتها لضم طابع الراي الغنائي والكسكسي في قائمة التراث العالمي غير المادي لكنها تعرضت لحملة شرسة من طرف المغرب بسبب تداخل الثقافات. نفس المشكلة واجهت المغرب فيما يتعلق بإدراج طابع القناوة الغنائي على القائمة العالمية.
و لا يزال حتى الآن طبق “الكسكسي” المعروف في منطق المغرب العربي الكبير، يثير صراعًا كبيرًا بين الجزائر والمغرب خاصة، حول أصول هذا الطبق الذي يحمل خصوصية ثقافية وتاريخية، جعلت منه موضوع خلاف حاد بين الشعبين الجزائري والمغربي، حيث تظهر ملامح الخلاف واضحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أين يحاول كل طرف أن ينسب طبق “الكسكسي” إلى إقليمه ويثبت أنه أقدم شعب عرف “الكسكسي”، الذي أصبح واحد من أهم الاطباق في المطاعم العالمية.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.