الرئيسية » في إنتظار مصادقة البرلمان على قانون مناهضة العنصرية : هل التونسيون عنصريون؟

في إنتظار مصادقة البرلمان على قانون مناهضة العنصرية : هل التونسيون عنصريون؟

 

 

من الجزائر:عمّــــــار قــــردود

لم يُصادق بعد مجلس نواب الشعب التونسي على مشروع قانون مناهضة العنصرية في تونس،رغم أنه كان من المفروض أن تتم المصادقة عليه قبل تاريخ 21 مارس الجاري،و هو اليوم الذي يصادف اليوم العالمي لمناهضة التمييز العنصري.
و كانت وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان في تونس قد نظمت في نوفمبر 2017 استشارة وطنية بالشراكة مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وعددًا من مكونات المجتمع المدني لمناقشة مشروع يتعلق بمناهضة التمييز العنصري.

و بحسب وسائل إعلام تونسية محلية فإن مشروع قانون مناهضة التمييز العنصري جاهز و قد تم وضع اللمسات الأخيرة عليه منذ مدة و هو ينتظر فقط الضوء الأخضر من البرلمان التونسي ليدخل حيز التنفيذ،و هذا المشروع يحيلنا إلى قضية مثيرة للجدل و ربما للخجل و هي صحة تغلغل العنصرية في أوساط المجتمع التونسي،فهل التونسيون فعلاً عنصريون؟ و إذا كانت الإجابة بالإيجاب لماذا؟ و الشعب التونسي أكثر شعوب الأرض وداعة و طيبة و تعايشًا مع مختلف الأجناس بحكم أن تونس بلد سياحي بإمتياز،و ربما يتعامل التونسي مع الأجانب أكثر من تعامله مع بني جلدته.

يهدف مشروع القانون الذي نشرته الوزارة التونسية المختصة على صفحاتها الرسمية، وفقًا لفصله الأول، إلى “مناهضة جميع أشكال التمييز العنصري ومظاهره حماية لكرامة الذات البشريّة وتحقيقًا للمساواة بين المواطنين في التمتع بالحقوق والواجبات”.
وتُعرف الوثيقة الرسمية التونسية التمييز العنصري على أنه “كل تفرقة أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أسـاس العرق أو اللون أو النسب أو غيره من أشكال التمييز.. الذي من شأنه أن ينتج عنه تعطيل أو عرقلة أو حرمان من التمتع بالحقوق والحريات الأساسية أو ممارستها على قدم المساواة أو أن ينتج عنه تحميل واجبات وأعباء إضافية”.
وتضمن مشروع القانون في باب الزجر جملة من العقوبات الموجهة ضد مرتكبي جرائم التمييز العنصري.

ويعاقب مشروع القانون في فصله الثامن بالسجن من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة مالية أو بإحدى العقوبتين كل من ارتكب فعلا أو أدلى بقول يتضمن تمييزًا عنصريًا، وتضاعف العقوبة في الحالات التي يكون فيها الضحية طفلا أو في حالة استضعاف وغيرها من الحالات.
ويشدد مشروع القانون هذه العقوبات في الحالات التي يحرض فيها مرتكب جريمة التمييز على الكراهية والعنف والتفرقة والفصل والعزل أو التهديد بذلك ضد كل شخص أو مجموعة أساسه التمييز العنصري.
ومن المنتظر أن يتم إحالة مشروع القانون بعد هذه الاستشارة التي جرت شهر نوفمبر الماضي إلى مجلس الوزراء للمصادقة عليه، قبل تحويله إلى مجلس نواب الشعب لمناقشته،و كان من المبرمج أن تتم المصادقة عليه قبل 21 مارس الجاري لكن ذلك لم يحدث و هو ما طرح جملة من التساؤلات و الإستفهامات،بناءًا على ما تعهد به وزير العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان التونسي، المهدي بن غربية، الذي قال إن وزارته تأمل في أن “يصادق مجلس نواب الشعب على نص القانون قبل 21 مارس 2018 الذي يصادف اليوم العالمي لمناهضة التمييز العنصري”.

تونس تتجه نحو تجريم العنصرية بقوة القانون
ويجرّم مشروع القانون الميز العنصري، ويفرض عقوبات ردعية بالسجن ضد مرتكبي هذه الجريمة تصل إلى السجن لمدة ثلاث سنوات إلى جانب عقوبات مالية مختلفة.
ويعتبر جريمة، وفق هذا القانون، كل “إتيان بقول أو فعل ضدّ شخص أو جماعات أو مؤسسات، يهدف إلى التمييز العنصري أو التشجيع عليه، أو تأييده أو حمايته أو يساهم في خلق حواجز بين الأفراد أو المجموعات، أو فرض ممارسات الفصل أو دعمها على أساس التمييز العنصري”.
ويضاعف مشروع القانون في فصله السادس والعشرين العقوبات، إذا كان الضحية قاصرا أو في حالة استضعاف، بسبب التقدم في السن أو المرض أو الإعاقة أو الحمل، أو الهجرة أو اللجوء أو الفقر والحرمان”.
وأفرد مشروع القانون باباً للحماية، من بين أركانه دعم المبادرات الرامية إلى تأمين الحماية لجماعة عرقيّة أو إثنيّة أو دينيّة، قصد ضمان التمتع على قدم المساواة بحقوق الإنسان والحريات.

أفارقة سود لــــ”أنباء تونس”:كل العرب عنصريون و من بينهم التونسيون!
أجمع عدد معتبر من الأفارقة الذين يتواجدون في مختلف مناطق تونس سواء للعمل أو الدراسة أو السياحة أو الإقامة غير الشرعية بها لــــ”أنباء تونس” أنهم يشعرون بالعنصرية نفسيًا قبل أن يتعرضون لها فعليًا سواء بالنفور منهم-و كأني بهم مصابين بالجرب-من طرف التونسيين خاصة،و لعلى الحادثة التي أثارت تأثرنا الشديد هي قيام بعض التونسيين بطرد بعض الأفارقة-من جنسيات سنيغالية-من المسجد بحجة أنهم غير طاهرين و رفضوا حتى السماح لهم بتأدية الصلوات بالمسجد معتقدين أن هؤلاء الأفارقة متسخين نجسين غير طاهرين و هي الحادثة التي سردها علينا الرعية السينغالي “أبو بكر تيراموني” و هو في قمة الحزن و الأسى و الذي إعترف أنه يتواجد بتونس بطريقة غير شرعية.

و عندما سألناه إذا كان التونسي عنصري؟ أجاب متحسرًا:”هذه بلادهم و التونسيين أحرار في وطنهم….يستقبلون من يريدون و يرفضون كذلم من يريدون…لكن فقط قليل من الإنسانية،فحتى الإسلام دعانا للرفق بالحيوان فمابالك بالإنسان”-قالها بتأثر كبير و الدموع تنهمر من عينه-فلماذا يُمارس التونسي العنصرية ضد هؤلاء الأفارقة؟ هل لأنهم مهاجرين غير شرعيين أم لأنهم فقط سود البشرة؟أم هناك أسبابًا أخرى.

يقول المواطن التونسي “المنجي الحامدي”-من منطقة الباساج بتونس العاصمة-:”لا التونسي ليس عنصري و لكن عادة الأفارقة يتميزون بالأوساخ و الأمراض المعدية لهذا ترى التوانسة يتحاشونهم و يتفادونهم في التعامل معهم ليس إلا”،أما التونسية “منال الغريبي”-من منطقة باردو بالعاصمة تونس-فقالت:”أنهم متسخين و مصابين بأمراض معدية فكيف لي مثلاً أن أتقرب منهم و أشتري من عندهم بعض الأكسسوارت التي لا تختلف عن تلك التي يبيعها التونسيين،كما أنني لا أفهم لغتهم و بصراحة أنا أعاف و أتقزز من لمس أيديهم،هذه ليست عنصرية و إنما مجرد إحتياطات صحية لا بد منها،لقد سمعت أن هؤلاء الأفارقة هم من تسببوا في تفشي وباء الحصبة -بوحمرون-في الجنوب الجزائري أين تم إحصاء أزيد من 5 لآلاف مصاب و تسجيل 20 وفاة،كما أن نفس هؤلاء الأفارقة هم من تسببوا في نشر عدة أمراض خطيرة و معدية في الجزائر كالملاريا و الأيدز و غيرهما”.

لهذا السبب يرفض الأفارقة الهجرة إلى تونس و يفضلون الجزائر و المغرب و حتى ليبيا
كشف تقرير لمعهد الدراسات الأمنية (ISS) الذي يُعدّ تقارير شهرية لصالح الاتحاد الإفريقي حول التحديات الأمنية والفرص في القارة السمراء، أن عدد المهاجرين غير الشرعيين في الجزائر غير معروف، لكنه يقدر بحوالي 100 ألف مهاجر من مالي ونيجيريا وبوركينا فاسو، بينما يوجد بالمغرب 50 ألف مهاجر غير شرعي من إفريقيا جنوب الصحراء.
و أفاد ذات التقرير أن العديد من المهاجرين في الجزائر والمغرب “يعيشون في وضعيات اقتصادية واجتماعية غير مستقرة، ويواجهون اضطهادًا معتبرًا يمكن أن يكون أرضية للتطرف”.

وأرجع التقرير الذي جاء بعنوان “سياسات الهجرة الجزائرية المغربية يمكنها أن تقي من التطرف العنيف”، أسباب توقف أو استقرار المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء بالمغرب والجزائر إلى كون “الكثيرين يتوقفون ليبحثوا عن أعمال حرة” في اقتصاد المحروقات الجزائري الذي تبلغ قيمته 548.3 مليار دولار ، و إقتصاد المغرب المتنوع الذي تصل قيمته إلى 275.3 مليار دولار.

واستعرض تقرير المعهد تجربة البلدين مع الهجمات الإرهابية، موضحًا أن “البلدين ليسا جديدين على الهجمات الإرهابية”، مذكرًا بـ”الأحداث الإرهابية في الجزائر في 2013 ضد منشأة بترولية تسببت في قتل 11 جزائريًا-في إشارة إلى تيقنتورين بعين أمناس-، و37 أجنبيًا”، والأحداث الإرهابية التي وقعت في المغرب، كـ”تفجير مراكش في سنة 2011″، في إشارة إلى تفجير مقهى أركانة الإرهابي.
التقرير الذي حررته الباحثة الإثيوبية “تسيون تاديس أبيبي” تحدث أيضا عن “ما يجب أن تقوم به الدولتان”، من قبيل “تقوية علاقاتهما التعاونية الثنائية من أجل تنفيذ فعال لقوانينهما المنظمة للهجرة، وتبادل الخبرات من أجل التحسينات المستقبلية”.
ووصف تقرير معهد الدراسات الأمنية القرار الجزائري بإعطاء الإقامة ورخص العمل للمهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء بـ”الانعكاس لقرار المغرب في سنة 2013 الذي أعطى 25000 مهاجر رخص إقامة صالحة لسنة واحدة”، ودعا البلدين إلى تقنين وضعية المهاجرين التي ستعود على الدولتين بـ”منافع سياسية واقتصادية تستطيع أن تحسن قوة تفاوض الجزائر والمغرب مع الاتحاد الأوروبي، وتستطيع أن تحسن علاقة البلدين بدول إفريقيا جنوب الصحراء”.

وأضاف التقرير أن “استقبال عشرات الآلاف من المهاجرين لمدة أطول تجربة جديدة للجزائر والمغرب”، إلا أنه عن طريق “تشجيع الهجرة، وتطوير أمن الحدود”، إضافة إلى “الرفع من مستوى الوعي العام بالأشياء الجيدة التي تأتي مع المهاجرين، وضرورة تقبلهم”، سيساهم المهاجرون في زيادة النمو الاقتصادي رغم أن هناك “اتجاهات جديدة تقول إن أرقام المهاجرين إلى البلدين ستزداد بسبب واقع الوضعية الاقتصادية الصعبة، وزيادة البطالة في البلدان الأصلية للمهاجرين”.د

د
و بحسب تقارير إعلامية فإن المهاجرين الأفارقة و حتى اللاجئين يرفضون التوجه صوب تونس بسبب الوضع الإقتصادي المتردي و كذلك بسبب الإضطهاد الذي يتعرضون له من طرف التونسيين و لهذا تعتبر تونس ملاذ غير آمن و غير مقصودة من طرف الأفارقة بشكل عام.
و يؤكد ذلك عدد من الأفارقة الذين قصدوا تونس ثم هربوا منها نحو الجزائر لـــ”أنباء تونس”،فحسب اللاجئ المالي “مامادو توريماني” فإنه كان في تونس و أقام فيها لمدة 5 سنوات عانى فيها الويلات و تعرض إلى إضطهاد كبير من طرف التونسيين الذين كانوا يعاملونه كالكلب و عندما دخل الجزائر و مكث فيها 4 سنوات وجد فيها الخير الكبير و العناية اللازمة و الأهم من كل ذلك المعاملة الإنسانية الحسنة،لأن الجزائريين-حسبه-شعب طيب و مسالم و لا يجرحون مشاعر الأفارقة.

و يبقى السؤال مطروحًا و بقوة لكن هذه المرة بصيغة أخرى:هل جميع التونسيين عنصريين أم البعض منهم فقط من يتصف بهذه الصفة القبيحة؟.
الرد جاء على لسان المواطن الكاميروني “صامويل سايرا” المقيم بتونس منذ 4 سنوات و الذي قال:”نعم،التونسيون عنصريون لكن ليسوا جميعهم،بل هناك تونسيين مسالمين و لا يؤمنون بتاتًا بالتمييز العنصري”.

تقلّص عددهم من 12 ألف إلى 4 آلاف : الطلبة الأفارقة يهاجرون إلى المغرب بسبب تنامي العنصرية في تونس ؟
تشير الإحصاءات إلى أن عدد الطلبة الأفارقة في تونس قدّ شهد خلال السنوات الأخيرة تقلّصا رهيبا إذ أصبح عددهم حوالي 4 آلاف طالب بينما كان لا يقل عن 12 ألف طالب قبل سنوات.و أسباب هذا التراجع عديدة و متنوعة لكن أهمها تنامي ظاهرة العنصرية في تونس ،حيث لاحظ الطلبة الأفارقة خلال السنوات السبع الأخيرة بالخصوص تنامي ظاهرة العنصرية في تونس من خلال العديد من المواقف الحرجة التي تعرّضوا لها .وفي المقابل لم تبذل الجهات الرسمية التونسية أي جهد للتصدّي لهذه الظاهرة المشينة أوّلا ولتقليص وقعها على الطلبة الأفارقة ثانيًا.

و بسبب هذا الوضع المعقد سارع المغرب إلى فتح كافة الأبواب أمام الطلبة الأفارقة وقدّم لهم كافة التسهيلات وذلّل أمامهم كافة الصعوبات الإدارية التي كانت موجودة فأقبلوا على المغرب بشكل كبير.

سائح جزائري أسود البشرة تعرض للعنصرية في تونس
أما المواطن الجزائري “عبد الحليم بكاكشي” المنحدر من الصحراء الجزائرية التي يتصّف سكانها ببشرة سوداء اللون فقد قصّ علينا حادثة طريفة وقعت له في تونس سنة 2016:”نزلت من سيارتي التي قمت بركنها في إحدى المواقف و ذهبت للتجول و التسوق فإذا ببعض التونسيين ينظرون إليّ بتأفف و إشمئزاز،فإندهشت لذلك و أكملت السير و لكن أحد التونسيين تقدم مني و شتمني قائلاً:كحلوش موسخ؟ فأثار غضبي و تهجمت عليه و ضربته ضربًا مبرحًا و أنا أقول له:كحلوش هيه بصح مانيش موسخ أنا جزائري و أفتخر.و عندما علم أنني جزائري طلب مني أن أسامحه و بعد ذلك أصبحنا صديقين و قد شرح لي أسباب كرهه للسود الذين يتصفون بالأوساخ و الأمراض المعدية.و لكن الغريب في قضية “التمييز العنصري على أساس لون البشرة” أن حتى التونسيين الذين هم سود البشرة يتعرضون للعنصرية من طرف إخوانهم التونسيين البيض.

ففي سنة 2011 قام عدد من التونسيين من كلا الجنسين بإطلاق صفحة على “الفايسبوك” لمناهضة العنصرية ضد السود في تونس وهذا الموضوع جمع بسرعة العديد من المناصرين الذين يرون أن ثقافة التونسيين الاجتماعية اليوم لا تزال تحمل عديد الإيحاءات العنصرية التي ورثوها ثقافيًا و سلوكيًا منذ عدة سنوات.

و الغريب في الأمر أن معظم الأفارقة الذين التقينا بهم و حتى الجزائريين السود البشرة إعترفوا لنا بالحقيقة المؤلمة و المؤسفة في نفس الوقت و هي أن التونسيين عنصريين و يسيؤون معاملة هؤلاء دون سبب أو مبرر إلا لأنهم سود البشرة رغم أن الإسلام قال أنه لا فرق بين أسود و أبيض إلا بالتقوى.

فلماذا ينظر التونسيون إلى الأفارقة خاصة بنوع من الدونية و التعالي؟و هل الأفارقة هم بشر من الطبقة الدنيا و أن التونسيين بشر من الطبقة العليا؟ يقول بعض الجزائريين الذين يزورون تونس بشكل دائم لــــ”أنباء تونس” أن “هناك فعلاً تونسييون عنصريون لكن ليس كل التونسيين عنصريين،من الظلم تعميم ذلك،فحتى الجزائريين عنصريون مع الأفارقة و مع سود البشرة،هي حالات موجودة لكنها غير كثيرة،و تونس بلد الحضارة و التاريخ و اليوم هي بلد سياحي بإمتياز و عندما نقول بلد سياحي فهذا يعني أنه يتوافد عليها مختلف الجنسيات الأوروبية و العربية و الأسياوية و الأمريكية،بمعنى قد يزور تونس سائح أمريكي أسود البشرة فكيف سيتعامل معه التونسيين إذا كانوا عنصريون كما يُشاع عليهم،كما من المحتمل أن يزور تونس إفريقي من جنسية أنغولية أو جنوب إفريقية و هو أبيض اللون،لا نعتقد أن التونسيين أغبياء أو ينقصهم الذكاء الكافي لأن هؤلاء السياح هم الذين يساهمون في إزدهار الإقتصاد التونسي و من البلاهة إضهاد التونسيين للأفارقة أو لسود البشرة دون سبب”.

و رغم الإقرار بعنصرية التونسيين من طرف عدد من الأفارقة و حتى الجزائريين و التونسيين من ذوي البشرة السوداء،إلا أن هذا لا يعني أن كافة التونسيون عنصريون و لكن بصفة عامة الموضوع مهم و خطير و هو يسيء لتونس بصفة عامة لهذا سارعت الحكومة التونسية إلى إستدراك الأمور بإقرار قانون مناهضة العنصرية في تونس،لأنه فعلاً هناك عنصرية تُمارس معنويًا و ماديًا من طرف التونسيين على الأفارقة و من ذوي البشرة السوداء حتى و لو كانوا تونسيون.

و في أكتوبر 2016 إشتكت الشابة التونسية صابرين انقوي، ذات البشرة السوداء،من المعاملة الفجّة التي تلقتها في الشارع من طرف بعض الشباب التونسي، الذين يعيّرونها ببشرتها السوداء،حيث استاءت صابرين من هذه المعاملة، ودوّنت على صفحتها على “فيسبوك” ما حدث لها وقالت “أنا صابرين انقوي، فتاة تونسية سوداء، أليس لي الحق في التجوال في شوارع بلادي دون أن أسمع ما يؤذيني من سبّ وكلام بذيء بسبب لوني؟”.

وأضافت: “كنت في شارع بورقيبة مع صديقي يوسف (أبيض البشرة)، لما مرّت سيارة من جانبنا، صاح أحد من كان فيها: يا “كحلوشة”(سوداء)، فشتمته، فما كان منه إلّا أن زاد في تعدّيه، قائلًا: عاهرة…كحلة.. لن تفعلي شيئًا..”.وتقدمت صابرين وصديقها يوسف بشكوى إلى مركز الشرطة.

وتساءلت صابرين: “إلى متى سيتواصل مثل هذا التعدّي الصارخ على التونسيين السّود”.
و تعاطف معها أغلب نشطاء مواقع التواصل الإجتماعي، وأكدوا عليها بألاّ تكون “حسّاسة”، وألاّ تنصت لكل كلمة تسمعها، وتواصل عملها أو دراستها، أو تجوالها دون خجل، وبكل ثقة في النفس.

و راح البعض لتذكيرها بأنّ التونسيين ليسوا عنصريين، وإذا صدر عن البعض مثل هذه الإهانة، فكل التونسيين لا يقبلون ذلك.ووصل الحدّ بأحدهم إلى التحذير من مثل هذه “الإشكاليات العادية” التي يمكن أن تحدث كل يوم، في عديد المجتمعات، والتي يتمّ تحويلها إلى ظاهرة، لتقسيم الشعب التونسي.

وتفاعل المهدي بن غربية وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان التونسي مع الشابة صابرين واستقبلها آنذاك، واستمع إليها، وأكد تضامنه معها، ومساعدته لها على تبليغ صوتها وتأكيد “تضامن حكومة الوحدة الوطنية مع كل تونسيّ يتعرض لأيّ شكل من أشكال التمييز العنصري”.
وتوجه الوزير للشابة صابرين قائلًا: “أعتذر لك سيدتي شخصيًا وكتونسيّ عن أيّة إساءة لحقت بك، وأحيّي شجاعتك وأدين بكلّ شدّة كل أشكال التمييز بسبب الاختلاف في اللون، فأنت وأنا، كما كلّ التونسيّات والتونسيين، سواسية تحت سقف المواطنة ودولة القانون”.

وأوضح بن غربية أنّ وزارته مقبلة على تناول ملف التمييز العنصري على نحو علمي وحقوقي، بالشراكة مع الجهات المختصة وقوى المجتمع المدني، بقصد فهم أعمق لواقع وتمظهرات التمييز على أساس اللون أو العرق أو الجهة أو الجنس أو الدين، وضمان تجريم التمييز العنصري وملاءمة المنظومة القانونية بهدف القضاء على جميع أشكاله وتجلياته في تونس.
ونشر رواد على مواقع التواصل الاجتماعي في وقت سابق حالات اعتداء، تحمل طابعا عنصريا استهدفت طلبة في الجامعات التونسية.و أمضت تونس على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري في 12 أبريل 1966 وصادقت عليها في 13 يناير 1967.

أسباب عنصرية التونسيين رواسب تاريخية تعود إلى زمن الرق و العبودية
يعزو عدد من الخبراء و المهتمين أسباب عنصرية التونسيين إلى رواسب تاريخية سابقة تمتد إلى زمن الرق و العبودية،أي إلى ما قبل تاريخ جانفي 1846،حيث و رغم القضاء بشكل نهائي على العبودية من طرف أحمد باشا باي فإن رواسب و بقايا تلك الفترة ظلت موجودة و سارية في نظام إجتماعي بقي وفيًا لماضي العبودية المقية،ففي تونس كان الشخص الأسود البشرة يوصف بالعبد و الخادم حتى و لو كان حرًا نبيلاً،و لا تزال بعض المناطق في تونس التي ترفض المساواة و إحقاق العدل و الإنصاف تعتبر الشخص الأبيض البشرة حرًا سيدًا و الشخص الأسود البشرة عبدًا خادمًا،و قد توارث هذه التصرفات و هذه السلوكيات المشينة و المستأصلة في المجتمع التونسي أجيالاً تلو الأخرى و بقيت صامدة قائمة حتى اليوم.

و رغم أن نسبة السكان ذوي البشرة السوداء في تونس هي في حدود العشرة بالمائة،إلا أن التونسيين السود البشرة لا يزالون مغيّبين عن المناصب العليا في الدولة،رغم أن تونس التي إحتفلت منذ أيام بالذكرى الــ62 للإستقلال لا تقيم تشريعاتها أيّ تمييز على أساس لون البشرة، سواء من زاوية التمتع بالحقوق المدنية والاقتصادية أو الاجتماعية أو من زاوية الإفادة من الحقوق السياسية، تصويتًا أو ترشيحًا أو تبوّءًا للمسؤوليات السامية و الرفيعة بأجهزة الدولة،لكن في المقابل بقي التونسيون البيض هم الأساس.

إن تونس اليوم و التي أقرت المساواة بين الرجل و المرأة حتى في الميراث و تونس التي كانت من أوائل الدول في العالم التي أقرت حظر الرق و العبودية في عهد أحمد باي سنة 1846 حاكم الإيالة التونسية تحت ضغوط أروبية كان الهدف من ورائها إلغاء استعباد أسرى القرصنة البحرية من الأوروبيين، وهو ما مفاده أنّ السود في تونس لم يكونوا هم المستهدفين من هذا القانون، ولكنهم استفادوا منه رغم أنه لم يلغ واقع العبودية بالنسبة إليهم، إذ تواصلت لعدة عقود بعد هذا القرار، خاصّة في مناطق واحات الجنوب حيث استوطنت أعداد كبيرة من السود، الذين تمّ جلبهم منذ الفترة الوسيطة من مناطق جنوب الصحراء لاستغلالهم كعبيد وخدم، حيث أنّ امتلاك العبيد والخدم السود كان نوعًا من الوجاهة الاجتماعية،لكن مع ذلك لا يمكن لها أن تكون دولة عنصرية و هو أمر لا يليق بها و لن يليق.

كيف لبلد منح إسمه إلى قارة بأكملها يمارس العنصرية؟
لا يمكن الإقتناع تمامًا أن بلدًا مثل تونس،التي تستقبل سنويًا أزيد من 7 ملايين سائح من مختلف الجنسيات و القوميات،أن يكون بلدًا عنصريًا أو أن أهله يُمارسون التمييز العنصري ضد بعض الجنسيات أو القوميات تحديدًا،فكيف لبلد أطلق اسمه القديم “إفريقية” على القارة السمراء بأكملها أن يكون عنصريًا؟.
و حتى نكون موضوعيين فلا بد الإعتراف بأن التمييز العنصري موجودًا فعليًا في تونس و أن هناك تونسيون عنصريون لكن ليس كل التونسيين و لا يمكن إعتبار الأمر ظاهرة تستوجب التصدي لها و إن كان لا بد من محاربة كل أشكال العنصرية بكافة أوجهها لأنها تصرف مقيت و غير إنساني و مخالف للدين الإسلامي.
هذا و بمناسبة الاحتفال باليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري أشرف المهدي بن غربية وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان في تونس مساء أمس الاربعاء 21 مارس 2018 على الندوة الحوارية التي نظمتها الجمعية التونسية لمساندة الأقليات حول مشروع القانون الأساسي المتعلق بمناهضة التمييز العنصري تحت شعار ” قانون بين الانتظارات والتحديات” بفضاء الجامعة الحرة بتونس.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.