الرئيسية » وجهة نظر مجرّدة…في تعارض العمل النقابي مع المصلحة العامة

وجهة نظر مجرّدة…في تعارض العمل النقابي مع المصلحة العامة

بقلم محسن بن عيسى*

يتّفق الجميع على أن البلاد تمر بمرحلة صعبة تتّسم بالاضطراب والانفلات، ويتفقون أيضا وأنّ تصاعد لغة الخلاف والسجال زادت في عمق الفجوة بين الهيئات والمؤسسات. وبحكم ذلك أصبحت المحاكم هي الفيصل الوحيد للبتّ في المسائل الخلافية والتجاوزات.


و في هذا السياق ومن منطلق مبدئي ووطني جاء حكم قاضي الأسرة برفع الحجر عن الأعداد، ومهما كانت المواقف حيال هذا الحكم، فانه لا يمكن بأي حال أن يوضع القضاء في موقع الصراع والمواجهة.

و في ظل الظروف الحالية ولما للتربية من أهمية لدينا، يبدو وأننا في حاجة إلى استكشاف سلسلة جديدة من علاقات العمل على هذا المستوى، فالطريقة التي يتم بها تأويل وتفسير بعض المفاهيم وممارسة بعض الحريات تصادمت مع فهمنا لدور المؤسسة التربوية بشكل عام.

ليس لي أن أذكّر وأن الحرية المطلقة دون ضوابط باتت غير مقبولة على الإطلاق، فالقاعدة السياسية الأولى وراء تأسيس “الدولة” كمجتمع منظّم هو تقييد الحرية المطلقة لردعها وتوجيهها وفقا لما تقتضيه المصلحة العامة التي تعلو على مصلحة الأفراد.

هناك شبه إجماع على أنّ المنظمّات بمختلف انتماءاتها هي قلب المجتمع المدني وبدونها أو بتعطيلها يفقد هذا المجتمع اعتباره، ولكن حال البعض منها و كما تشهده الساحة الوطنية لا يدفع للتفاؤل، فالحريات إذا خرجت عن ضوابطها وقيودها خرجت عن إطار القانون وانزلقت إلى متاهات أخرى.

ينبغي أمام تزايد وتيرة التصريحات المتشنّجة العودة الى الفكر الحضاري فهي القضية الأولى التي يجب معالجتها لتستعيد هذه الكيانات انتسابها للمجتمع المدني وتحتلّ مكانها في صدارة العمل المجتمعي.
وإذا كان إطلاق الحريات الديمقراطية أحد أسس بناء الدولة فإنه من الأبجديات أن يكون لها حدود والتزامات. ولما كانت الدولة هي الراعية بشكل مباشر للمنظومة الاجتماعية، فانه من غير المنطقي أن تتجاوز بعض التنظيمات النقابية “الدولة” التي تبقى مرجعا وسندا لها.

من المهم أن نعلم وأن نُذكّر وأنّ العمل النقابي وإن يعدّ من أهم وسائل الضغط في المجتمعات الحديثة فإنه لا يتعارض مطلقا مع المصلحة العامة المتمثّلة في دوام وانتظام الخدمة التي يؤديها المرفق العام. ومهما توسّعت دائرة القطاعات التي يشملها داخل المجتمع فإن ممارسة الحرية النقابية لا يمكن أن تقوم إلا على احترام القانون و حق الانسان (الطفل) كمحور لنظامنا. ولكن الذي لا مراء فيه هو أن الدعوة للالتزام بالقانون لا يعني إلغاء الطلبات المطروحة والتي لا بد من التوصّل إلى حلول بشأنها بعيدا عن الحساسيات والاعتذارات والمصالح الضيقة.

وفي ضوء ما تقدّم، يمكن القول و أن الدولة تحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى وعي عام بظروفها، فالوعي هو النقطة الحاسمة التي ستحدّد مصيرنا و الارتقاء به يظل هدفا مهمّا خاصة في هذه المرحلة من تاريخنا.

ليس أفضل من كلمة الحق في هذا المقام ما دامت إلى الحق تقصد، وما دامت في أصل القضية تتحدّث، وما دامت إلى الحلول والبدائل تهدف.

*متقاعد من سلك الحرس الوطني

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.