الرئيسية » عطية: الإنتخابات البلدية كشفت إختراق الإسلاميين للتجمّع

عطية: الإنتخابات البلدية كشفت إختراق الإسلاميين للتجمّع

تمّ منذ 13 فيفري الجاري، فتح باب تقديم التّرشّحات للانتخابات البلدية القادمة والمزمع تنظيمها قس ماي 2018.


وقد بلغ العدد الجملي لمطالب الترشح 1039 مطلبا، من بينها 665 قائمة حزبيّة، و25 قائمة ائتلافيّة، و349 قائمة مستقلّة.

هذا وقد راج ان القائمات الانتخابية لحركة النهضة تضمّ عددا من التجمّعيين السابقين الذين خدموا النظام السابق.

وفي هذا الاطار كتب الباحث مصطفى عطية : “التجمع كان مخترقا من الإسلاميين:

*تجمعيون على رأس العديد من قائمات النهضة في الإنتخابات البلدية !

تفيد المعلومات المسربة من كواليس الأحزاب أن العديد من القيادات الدستورية والتجمعية التي كانت على رأس هياكل الدولة وفي مجلس النواب ومجلس المستشارين خلال العهد السابق ، تترأس حاليا قائمات حركة النهضة المرشحة للإنتخابات البلدية ، وإن كان ترشح التجمعيين القدامى في قائمات الأحزاب الأخرى وخاصة حزب نداء تونس أو جبهة ” الإتحاد المدني ” التي يقودها حزبا مشروع تونس وآفاق تونس ، أمرا طبيعيا فإن ترشحهم في قائمات النهضة يثير الكثير من نقاط الإستفهام والتعجب !

*إستقطاب مكثف ومتعدد المصادر
يعلم المتابعون للشأن السياسي التونسي خلال السنوات السبع المنقضية أن الدساترة والتجمعيين صوتوا، خلال الإنتخابات الرئاسية السابقة ، بكثافة مثيرة للإنتباه للباجي قائد السبسي في الرئاسية ولحزب نداء تونس في التشريعية، الذي أعلن قياديوه إنتماءهم للإرث البورقيبي ، وكان في الحسبان أن يؤمن نجاح الباجي قائد السبسي والحزب الذي أسّسه عودتهم إلى الساحة السياسيّة من الباب الكبير لكن جرت الرياح بما لاتشتهي سفنهم، وظهرت تيّارات نقابيّة ويساريّة مختلفة وفاعلة في صلب نداء تونس لتتصدّى لعودتهم بالشكل الذي يجعل منهم قوة فاعلة ومؤثرة في الحزب. وبعد الإنشقاق الحاصل في النداء تغيرت المعطيات وأصبح الشقان المنفصلان يتنازعان إستقطاب الدساترة، فبادر حزب مشروع تونس بقيادة محسن مرزوق بتعيين قيادات تجمعية بارزة في مكتبه السياسي كما كثف حزب نداء تونس من إحاطته بالدساترة وإقناعهم بأن هذا الحزب هو مكانهم الطبيعي و سارت العديد من الأحزاب الأخرى ، كحركة النهضة وحزب آفاق تونس والإتحاد الوطني الحر وتيار البدائل بقيادة مهدي جمعة وغيرها ،في هذا الإتجاه، وأعلن قياديوها، علنا عزمهم على استقطاب الدساترة وضمهم إلى صفوفهم بعد أن عجزوا عن تجميع مكوناتهم وتوحيدها . لكن آخر المعلومات تؤكد أن ان الكثير من القيادات الدستورية لم تلق بالمنديل ومازالت تأمل في توفر الفرصة المواتية لتوحيد الصفوف ولم الشمل خاصة وأن العديد من الأحزاب والتيارات ذات المرجعية الدستورية تسعى حاليا، وبجدية أكثر من ذي قبل ، إلى تكوين جبهة فاعلة ومؤثرة في الساحة السياسية إستعدادا للإنتخابات البلدية المقبلة بقطع النظر عن كل أشكال الإختلاف السطحي بين هذه الأحزاب والتيارات، ومن ببن هذه الإختلافات ما ارتبط بالهوية الفكرية لكل من ادعى الحق في نصيبه من الإرث الدستوري ، فيوجد في الساحة اليوم ثلاثة أصناف من الورثة ، الصنف الأول هم الدستوريون الأصليون الذين بقوا على العهد البورقيبي ورفضوا الإعتراف بالإنقلاب والتغيير في السابع من نوفمبر 1987 ووقف هؤلاء منذ اليوم الأول مع الباجي قائد السبسي وٱنضموا إلى حزب نداء تونس الذي أسسه ، والصنف الثاني هم الدساترة الذين إندرجوا بتلقائية في سياق التغيير وأصبحوا من قادة التجمع الدستوري الديمقراطي ، والصنف الثالث والأخير هم التجمعيون الذين لم تكن لهم صلة سابقة بالحزب الدستوري ، بل كان أغلبهم خصوما ألداء له. لا شك أن القراءة الموضوعية لهذه المعطيات الأساسية تحتم التفريق بين هذه الأصناف الثلاثة والتعامل معها حسب خصوصية كل صنف ، وبالتالي عدم حشرها في سلة واحدة ، فالدساترة الذين تشبثوا بأدبيات المؤسسين، وفتح لهم الباجي قائد السبسي ، منذ البداية، أبواب النداء ، لا علاقة لهم بالتجمعيين الذين يصر قادة نداء تونس على قبولهم في حزبهم “إنتقائيا” أي حالة بحالة . بقي الإشكال في الدساترة الذين تحولوا ، بعد السابع من نوفمبر مباشرة، إلى تجمعيين ، وهم الذين حاولوا التموقع في الساحة السياسية بمنأى عن حزب نداء تونس وٱنضموا إلى حزبي المبادرة والحركة الدستورية بالخصوص، قبل أن يكتشفوا ، مع مرور الوقت عدم قدرة هذين الحزبين على تحقيق وحدة الدساترة فٱرتموا في أحضان النهضة التي كانوا يناصبونها العداء العلني.

إن التشتّت الذي تعاني منه القاعدة الدستورية والتجمعية أفقدها ثقلها السياسي في الساحة بعد أن خرجت بخفي حنين في الإنتخابات الماضية بتصويت الدساترة لحزب النداء في المقام الأول وبعض الأحزاب الأخرى بما فيها النهضة!!! بقي أن الخارطة السياسية تشهد حاليا الكثير من التغييرات الجوهرية العميقة ، وما كان سائدا منذ ثلاث سنوات ونصف تغير بالكامل فنداء تونس إنقسم إلى عدة أحزاب ويعمل كل شق على تعزيز صفوفه بالدساترة والتجمعيين ، وحركة النهضة تعيش حالة من التغيير العسير، كما شهدت الأحزاب الليبيرالية وعلى رأسها حزب آفاق تونس تغييرات هي الأخرى إستوجبت فتح أبوابها على مصراعيها أمام الدساترة ، بقي أن حركة النهضة إتخذت خلال الأسابيع الأخيرة خطوات حاسمة ومكثفة في هذا الإتجاه وفتحت قائماتها الإنتخابية للعديد من قيادات التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ البلاد .

لكن الذين تابعوا أنشطة التجمع في السنوات الأخيرة قبل سقوطه يعرفون جيدا أنه كان مخترقا من قبل الإسلاميين الذين كشفوا اليوم عن أقنعتهم وأعلنوا حقيقة إنتمائهم لحركة النهضة.

ثم هرولوا إلى دخول صفوفها والتّموقع على رأس قائماتها الإنتخابية وبين ثناياها في انتظار تموقعات مستقبلية أخرى أكثر أهمية ، بهذا المخطط الإستقطابي الفاعل تكون حركة النهضة قد ضربت حزب نداء تونس والأحزاب الأخرى المنشقة عنه في الصميم بأن حرمتها من رصيد كان محسوبا عليها ، وأعلنت تبعا لذلك عن تغير جذري في الخارطة السياسية بالبلاد قبل الإنتخابات البلدية المنتظرة”.

 

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.