الرئيسية » بن سلامة: الإنتخابات البلدية…الرهانات الأخرى..

بن سلامة: الإنتخابات البلدية…الرهانات الأخرى..

بقلم سامي بن سلامة*

يخشى كثيرون فرضية عدم تمكن هيئة الإنتخابات إطلاقا من اعلان النتائج النهائية للانتخابات البلدية إن تم النجاح في تنظيمها فعلا في التاريخ المحدد لها يوم 6 ماي 2018.

 

إذ أنهم يعلمون أنه لا يمكن قانونا إعلان نتائجها النهائية الا إذا ما تم تنظيمها فعليا في جميع الدوائر الانتخابية وعددها 350 بدون إستثناء وهو أمر بانت صعوبة تحققه مع انطلاق المسار الانتخابي.

وهم يعلمون أن البلد سيبقى في حالة انتخاب “دائم” إذ سيكون عندها في وضع ”إستحالة“، لا يمكن في إطاره إعلان النتائج النهائية وإنهاء الانتخابات رسميا. ولا مناص وقتها من الإقتصار على إعلان “نتائج أولية” إلى حين إتمام الانتخابات التكميلية في الدوائر التي لم تعقد فيها. حينها فقط يمكن إنهاء المسار الإنتخابي ذلك القطار الذي انطلق ولا يمكنه التوقف إلا بعد استكمال بناء باقي محطاته.

فمن السهل جدا أن لا تجري إنتخابات أصلا في دائرة ما، إما بسبب عدم تمكن أية قائمة من الترشح في إحدى الدوائر على الأقل أو بسبب إسقاط الهيئة كافة القائمات المترشحة في تلك الدائرة لمخالفتها الشروط القانونية للترشح كما وضعها القانون الإنتخابي.

وترجع إمكانية حصول ذلك، إلى شروط الترشح المعقدة التي وضعتها حركة النهضة في القانون الإنتخابي بمعية الحزب الذي وقع تحت سيطرتها في البرلمان وهو نداء تونس.

إذ أنها كانت مشددة ومعقدة لدرجة وأنه اتضح صعوبة الإيفاء بها وتحقيقها من طرف جميع الأحزاب وخاصة الصغيرة منها إذ لن تقدر عليها غير الأحزاب القوية أو بعض القائمات المستقلة لوجهاء محليين سبق وأن مارسوا العمل البلدي أو يترشحون في الدوائر الصغرى.

من الواضح أن الغاية من وضع شروط الترشح بتلك الطريقة كانت إغلاق الطريق أمام قائمات محلية مستقلة قد تشكل خطرا داهما وقدرت الحركة بأنها لن تقدر على منافستها وكذلك “فتح” الطريق أمام حزب الحركة بل وتوسيعه لاكتساح الانتخابات المحلية والجهوية وانتخابات الأقاليم (غير المباشرة) التي ستعقد لاحقا. ولتحقيق السيطرة على ”مجلس الجماعات المحلية“ الذي سيتم إنشاؤه فيما بعد تطبيقا لمقتضيات الباب السابع من الدستور الذي صادق عليه من صادق بالأمس ويحاول تطبيق بنوده من يحاول اليوم، بدون تجشم عناء قراءته طبعا.

وحيث أن عباقرة السياسة في تونس لا عقل لهم ولا منطق، فقد رضيوا بتلك الشروط المشددة والتي وللمفارقة، تمنع أغلبهم من تقديم ما يكفي من القائمات في جميع الدوائر وتضع حواجز وعراقيل كبيرة لقبول هيئة الانتخابات لتلك القائمات.

إن عقد الإنتخابات البلدية في مثل الظروف التي تعيشها تونس وفي هذا التوقيت بالذات الذي لا يبعد كثيرا عن موعد استحقاقات تشريعية ورئاسية مصيرية كان خطأ بالغا تتحمل مسؤوليته الأطراف التي أصرّت على إجرائها مهما كانت الصعوبات رغم علمها بامكانية الفوز فيها من قبل نفس الأطراف التي أغرقت تونس عند توليها السلطة سنة 2012 في بحر من انعدام الاستقرار والإرهاب والدمار الإقتصادي والإنساني.

هذه الأطراف تتمثل خاصة في حركة النهضة وبعض الجمعيات المدعومة ماديا بسخاء من قبل الأوروبيين وبعض الإعلاميين النافذين وكذلك وأساسا هيئة الإنتخابات التي خضعت للحزب صاحب الفضل على أعضائها.

وإن الوضع الانتقالي الذي تعيشه تونس كان يقتضي تبنّي تمش معاكس تماما لذلك الذي تم تبنيه، أي العمل على تيسير شروط الترشح وفتح الطريق أمام الجميع لممارسة الديمقراطية المباشرة وللتدرب عليها محليا. وهو ما كان سيمكن على الأقل من إعداد نخب جديدة تستلم المشعل من النخبة السياسية الحالية التي أثبتت محدوديتها وعدم قدرتها على تقديم المزيد. سامي بن سلامة

*عضو سابق في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.