الرئيسية » تقرير أمريكي : إرتفاع ملحوظ في نفقات التسلح لدى تونس في 2015

تقرير أمريكي : إرتفاع ملحوظ في نفقات التسلح لدى تونس في 2015

 

 

من الجزائر عمار قردود

نشرت كتابة الدولة للخارجية الأميركية،الأسبوع الماضي، التقرير السنوي الجديد حول النفقات العسكرية في العالم.التقرير المذكور أورد معطيات حول عدد من الدول العربية من ضمنها تونس، حيث أماط اللثام عن حجم إنفاقها على السلاح خلال الفترة الممتدة ما بين 2005 إلى غاية 2015.

تقرير كتابة الدولة للخارجية الأميركية جاء في في شكل 4 وثائق رسمية، وتضمن تفاصيل دقيقة بشأن النفقات العسكرية وأفراد القوات المسلحة لتونس، وأيضا لتسليم دفعات الأسلحة، كما قدم بيانات تشرح الأرقام المعلن عنها.

و بحسب ما كشف عنه ذات التقرير فقد سجلت تونس ارتفاعًا طفيفًا في نفقات التسلح خلال سنة 2015، إذ أنفقت 1.4 مليار دولار أي ما يعادل 3.55 مليار دينار تونسي ، على شراء أسلحة ومعدات عسكرية، بينما أنفقت خلال سنة 2014 نحو 1.12 مليار دولار.ومثل حجم الإنفاق العسكري لتونس خلال 2015، نحو 4.2 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي.

وأظهرت جداول أرفقها التقرير بالمعطيات، أن تعداد الجيش التونسي، البالغ 50 ألف عنصر، يمثل 0.43 بالمئة من مجموعة سكان تونس، الذين بلغ عددهم، سنة 2015، نحو 11 مليون نسمة، بينما شكل مجموع القوات المسلحة التونسية ما يعادل 1.2 من اليد العاملة خلال السنة ذاتها.

عقيدة الجيش التونسي دفاعية
و بالرغم من أن التونسيون يُنفقون على التسلح أقل مما يُنفق جيرانهم-خاصة الجزائر و المغرب و ليبيا- لسببين رئيسيين أولهما أن البلد ليس غنيًا بالموارد الطبيعية مثل جاريه ليبيا والجزائر، وثانيهما أنه اختار منذ الاستقلال حصر القوات المسلحة في دور دفاعي بحت و أن الجيش التونسي لم يتورط في المشاركة في أية صراعات إقليمية أو دولية و لا الإعتداء على أي بلد، مع الاعتماد على تحالفات مع القوى الغربية الكبرى لدرء أي خطر قد يأتي من الجيران تمامًا مثلما حدث له مع ظاهرة الإرهاب التي ضربت الجزائر في تسعينيات القرن الماضي و كادت أن تفكك الدولة الجزائرية أو مع الإرهابيين “الدواعش” من ليبيا و ما حدث بعد ثورة الياسمين من هجومات إرهابية خطيرة في تونس ،إلا أنه و مع ذلك طورت تونس تعاونها العسكري مع إيطاليا أحد مُزوديها الرئيسيين بالسلاح . كما تُزود كل من فرنسا والولايات المتحدة تونس بأسلحة دفاعية.

و رغم إرتفاع حدة الأخطار الخارجية و ظاهرة الإرهاب الداخلي لا يزال يعاني الجيش التونسي من ضعف التسليح و قلة العدد،و قد تأسس الجيش التونسي في 24 جوان 1956 بعد ثلاثة أشهر من نيل البلاد استقلالها عن فرنسا في 20 مارس، وفي عام 1963 خاض بعد الاستقلال معركة ضد القوات الفرنسية انتهت بإجلائها عن مدينة بنزرت الساحلية شمالي البلاد التي كانت آخر نقطة تتمركز فيها.
ومنذ ذلك الحين، ظل دور الجيش التونسي منحصرًا في حماية الحدود، وإن زُج به بشكل محدود في بعض الاضطرابات الاجتماعية التي وقعت نهاية سبعينيات ومطلع ثمانينيات القرن العشرين في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة.وبمقتضى الدستور، تقتصر مهمة الجيش التونسي على الدفاع عن الوطن وحماية النظام الجمهوري، وكان له دور حاسم لصالح نجاح الثورة الشعبية التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي في 14 جانفي 2011، حين رفض توريطه في قمع الثائرين.

50 ألف جندي يذودون عن حرمة التراب التونسي
و بحسب إحصائيات غير رسمية فإن عدد الجنود العاملين في الجيش التونسي يصل إلى نحو 41 ألفًا، في حين يصل الاحتياطيون إلى 12 ألفًا و ذلك سنة 2015.ويبلغ عدد الدبابات التي يمتلكها الجيش التونسي نحو 180، وعدد المدرعات إلى 679، ولديه 138 طائرة حربية، و75 طائرة مروحية، ونحو خمسين قطعة بحرية.
وقد أبرمت تونس عام 2014 اتفاقية لشراء 12 مروحية من نوع بلاك هوك الأميركية تسلم آخر دفعة منها عام 2019، وقد بلغت قيمة الصفقة نحو 700 مليون دولار.
و في 2015 أبرمت تونس صفقة مع شركة سويدية لشراء طائرات من نوع “ساب جاس 39 غريبن”.كما وقعت السلطات التونسية عام 2015 اتفاقًا عسكريًا مع الشركة الأميركية العملاقة “نورثروب غرومان سيستم كوربوريشن” لتحديث أسطول الطائرات التونسية من نوع “F-5E/F Tiger II”، بمبلغ قدر بنحو 32 مليون دولار.

كما سبق للجيش التونسي أن تعاقد مع وكالة في مجاليْ الدفاع والأمن، لتحديث أسطوله من طائرات “أف 5” التي صارت قديمة، لتطوير قدرتها على مواجهة التهديدات المحلية والإقليمية التي فرضتها التطورات السياسية المتلاحقة في المنطقة.
وقد حصلت تونس على طائرات “أف 5” خلال 1984-1985 وفي 1989، وبالنظر إلى المتطلبات الحديثة صارت تلك الطائرات غير قادرة على أداء مهامها مما فرض تحديث أجهزتها.وفي 2014، قدمت الجزائر مساعدات عسكرية للجيش التونسي تمثلت في طائرات وصواريخ أرض/جو روسية، إلى جانب تجهيزات عسكرية.

و في سنة 2015 تم إعلان الإدارة الأمريكية عن استكمال إجراءات منح تونس وضع حليف رئيسي خارج حلف شمال الأطلسي “الناتو” لتصبح بذلك الحليف السادس عشر الرئيسي للولايات المتحدة. و هناك معلومات أشارت إلى إحتمال وجود قاعدة عسكرية أمريكية بتونس بالقرب من الحدود الجزائرية،بعد حادثة الإعتداء الجنسي التي كشفت عنها صحيفة أمريكية رسمية صادرة عن القوات الجوية العسكرية الأمريكية ،مؤخرًا،و التي راحت ضحية لها قائدة طائرة تونسية من طرف طيار أمريكي في قاعدة “سيدي أحمد” ببنزرت التونسية.

و سبق و أن أبلغ وزير الخارجية الجزائري السابق رمطان لعمامرة في سنة 2015 الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي رسالة مهمة من القيادة الجزائرية تتعلق بالطلب الذي تقدمت به أمريكا لتونس عندما طلبت من تونس كما من باقي دول شمال افريقيا وبشكل مباشر قبول إقامة قاعدة عسكرية بحجة المساعدة في مكافحة الإرهاب.

و قال مصدرنا إن” لعمامرة أبلغ رسالة شديدة اللهجة للقيادة التونسية بخصوص رغبة أمريكا في إقامة قاعدة عسكرية في شمال افريقيا وبالضبط في تونس”، وقال لعمامرة،أنه “يتعين على تونس أن تختار بين القاعدة العسكرية الأمريكية أو العلاقات مع الجزائر، خاصة أن الجزائر بقيت عقودًا من الزمن تكافح الإرهاب وتقاوم الضغوط الأجنبية لإقامة قواعد عسكرية على أراضيها أو على حدودها.

لكن يبدو أن تونس وتحت الضربات المتوالية للجماعات الإرهابية ولأنها تنقصها الخبرة في مواجهة هكذا ظروف وجدت في العروض الأمريكية بعض الاستحسان، وبموقف الجزائر ستكون تونس مخيرة بين نارين أمام التضحية بعلاقتها مع الجزائر أو مع أمريكا خاصة في مواجهة الإرهاب. ومعروف موقف الجزائر منذ عقود في رفض الابتزاز الغربي وبخاصة الأمريكي الساعي إلى إقامة قواعد عسكرية استخباراتية بحجة المساعدة في مكافحة الإرهاب، ويرى المراقبون أنه يتعين على تونس الاستماع إلى خبرة الجزائر والوثوق في أن هذه القواعد العسكرية الأجنبية هي انتهاك للسيادة لا يمكن قبوله على الإطلاق.

هذا و رغم ذلك يصر المسؤولون في تونس على نفي وجود قواعد عسكرية أمريكية في بلادهم في وقت تؤكد فيه تقارير غربية ومحلية على نشاط مكثف للطائرات بدون طيار الأمريكية فوق تونس، حتى أن طائرات بدون طيار أمريكية تحلق باستمرار في مناطق غرب ليبيا، وفي الجنوب التونسي.
وزير الدفاع التونسي السابق، فرحات الحرشاني أكد عدم وجود قاعدة عسكرية أمريكية على الأراضى التونسية، موضحًا أن تونس تتعاون فى المجال العسكرى مع عدة دول صديقة وشقيقة على غرار فرنسا وأمريكا وبلجيكا والجزائر.
الاصرار التونسي على نفي الأخبار المتعلقة بوجود قاعدة أمريكية للطائرات بدون طيار يعني أن المسؤولين في تونس يرغبون في تحاشي الضغط الشعبي ، بالإضافة إلى رعبتهم في عدم تحمل مسؤولية اية غارة جوية أمريكية قد تؤدي إلى وقوع ضحايا مدنيين في ليبيا .

وقال الحرشاني – فى تصريحات صحفية عقب الإعلان عن الانطلاق الرسمى لمشروع منظومة المراقبة الإلكترونية على الحدود الجنوبية الشرقية لتونس بتمويل وتنفيذ أمريكي ألماني- إن حماية الحدود تتطلب تقنيات عالية معقدة من بينها طائرات بدون طيار، وهو ما يتطلب وجود وحدات عسكرية من عدة بلدان من بينها أمريكا فى تونس لتدريب العسكريين التونسيين على هذه التقنيات.
وأضاف الحرشاني، أن تونس تواجه تهديدات غير تقليدية بحكم الوضع الأمنى فى ليبيا وتداعياته الخطيرة على المنطقة المغاربية والمتوسطية والمنطقة العربية عموما، مشيرا إلى أنه بقدر اعتماد تونس على وسائلها وإمكانياتها الخاصة فى مواجهة المخاطر والتهديدات، فهى تعتمد أيضا على التعاون مع البلدان الصديقة نظرا لأن الإرهاب يمثل تهديدا لكل الدول مهما كانت قوتها.

وأكد الحرشاني، دعم الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا، لتونس فى انتقالها الديمقراطى، وحرصهما على دفع التعاون فى المجال التنموى، إضافة إلى مساهمتهما فى تطوير القدرات العملياتية للقوات المسلحة التونسية بتوفير المعدات وتكثيف التدريب وتبادل الخبرات والتنسيق فى مجال الاستعلام فى إطار مكافحة الإرهاب.

من جانبه، أكد السفير الأمريكى فى تونس، دانيال روبنستين، التزام بلاده بمساعدة تونس على تأمين حدودها وحماية شعبها والحفاظ على الاستقرار فى منطقة شمال إفريقيا، وأوضح أن هذا المشروع –الذى تبلغ تكلفته الإجمالية مائتى مليون دولار- يهدف إلى تمكين تونس من مواصلة تعزيز قدراتها على رصد التهديدات على حدودها والتصدى لها.

من جهته، قال السفير الألمانى أندرياس رينكى، إن بلاده تعمل على مساعدة القوات المسلحة التونسية فى مجال مراقبة قوية للحدود من التهديدات الإرهابية والتهريب، وأن الدعم المالى الذى قدمه الجانب الألمانى لهذا المشروع فى حدود 16 مليون يورو.
وأكد رينكى، اهتمام ألمانيا بمساعدة تونس وتحقيق استقرارها باعتبارها شريكا مهما من جهة، وقادرة على حماية مواطنيها وتوفير الأمن اللازم لتعزيز ديمقراطيتها وتنمية اقتصادها من جهة أخرى.

و أقر الديبلوماسي الجزائري بأن السلطات الجزائرية كانت على علم بوجود تلك القاعدة العسكرية الأمريكية بتونس منذ مدة و أنه بسببها شاب العلاقات الجزائرية-التونسية بعض الفتور و البرودة و إن لم يتسم بالتوتر و أنه تم بالفعل تسجيل ذلك خاصة على مستوى تبادل وجهات النظر في عدد من القضايا و الملفات ذات الإهتمام المشترك و تم ترجمة ذلك في قلة تبادل زيارات الوفود الوزارية بين البلدين.
وبخصوص دول المغرب العربي، بلغ حجم الإنفاق العسكري للجزائر 9.37 مليار دولار، في عام 2015، وفقا لآخر المعطيات التي أفرجت عنها وزارة الخارجية الأمريكية، الثلاثاء 2 جانفي، مسجلا تراجعا مقارنة بالعامين السابقين، حيث تم إنفاق 11 مليار دولار سنة 2014، و9.89 مليار دولار سنة 2013.

بلغ الإنفاق العسكري في المغرب 31.9 مليار درهم في عام 2015، أي 3.43 مليار دولار. ويظهر هذا الرقم انخفاضًا كبيرًا عن عام 2014 عندما بلغ الانفاق العسكرى 33.4 مليار درهم (3.54 مليار دولار امريكى)، وشكل الإنفاق العسكري المغربي 3.2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

وقدرت عدد الجيش المغربي ب 220 ألف شخص في عام 2015، وهو ما يمثل 0.67 بالمئة من عدد السكان الذي يقدر 33.4 مليون نسمة،و1.8 بالمئة من القوى العاملة في المغرب.

ارتفاع الانفاق العسكري في العالم

وأشار تقرير كتابة الدولة الأمريكية إلى أن النفقات العسكرية في العالم سجلت رقما قياسيا جديدا تراوح بين 73ر1 و 76ر2 ترليون دولار خلال 2015 مقابل 35ر1 و 89ر1 ترليون دولار في 2005.

وكشف التقرير السنوي حول الإنفاق على التسليح وتحويلات الأسلحة في العالم في طبعته 35 أنه رغم هذا الارتفاع الكبير فإن حصة النفقات العسكرية في الإنتاج الاقتصادي العالمي نهاية 2015 كانت أقل مقارنة بنهاية الحرب الباردة في 1989 حيث قدرت بــــ 7ر4 بالمائة من الإنتاج الإجمالي.

وارتفع المبلغ السنوي للتسليمات الدولية للأسلحة بحوالي 60 في المائة مرتفعة من 115 مليار دولار إلى حوالي 192 مليار دولار رغم الانخفاض المسجل بعد 2012.وانتقلت حصة بيع الأسلحة في التجارة الدولية من 6ر0 إلى 9ر0 خلال نفس الفترة.

و تبقى كل من الولايات المتحدة الاتحاد الأوروبي متقاربتان في مجال بيع الاسلحة بما يمثل 10 في المائة لكل منهما من التجارة الدولية للأسلحة, تليهما روسيا ب5 في المائة والصين ب 2 في المائة.

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.