الرئيسية » بين حماية البيئة ومصالح الدول العظمى: من ستكون له الأولويّة مستقبلا؟

بين حماية البيئة ومصالح الدول العظمى: من ستكون له الأولويّة مستقبلا؟

بقلم شافية الوسلاتي*

عجز ممثلو 200 دولة من شتى أرجاء المعمورة في التّوصل إلى حلول فيما يخص انبعاثات الغاز الدفيئة ومساعدة الدول النامية على الانتقال نحو الطاقات النظيفة خلال المؤتمر 23 للمناخ المنعقد في بون الألمانية بإشراف الأمم المتحدة و برئاسة حكومة فيجي في الفترة الممتدة بين 6 و 17 نوفمبر2017.


و أوصى مندوبو الدّول الحاضرة بخوض عام جديد من الحوار قصد التوصل إلى اتفاق مشترك بنهاية عام 2018 حول انبعاثات الغازات المسببة لارتفاع حرارة الأرض و حثّ الدول الغنية إلى التقيد بالتزاماتها، خصوصا بعد اعلان الإدارة الجديدة للولايات المتحدة الأمريكية بقيادة ترامب عن نيتها الإنسحاب من اتفاق باريس 2015، إنسحاب لن يدخل حيّز التّطبيق إلاّ بنهاية سنة 2020 و الذي هدّد خلاله بعدم دفع الأموال الموعود بها من قبل الرئيس السابق باراك أوباما و البالغة ملياري دولار كان يتوقع أن تخصّص لفائدة الصندوق الأخضر للأمم المتحدة.

وفي الوقت الذي انتظر فيه الرأي العام الدولي الضاغط من منظمات و جمعيات و هياكل مهتمة بالبيئة قرارات حاسمة بهذا الخصوص ارتأت قمة بون تأجيل الحديث عن مسألة التمويل إلى المؤتمر 24 المتوقع انعقاده في مدينة كاتوفيتسه في بولندا في ديسمبر 2017.

غير أنّ الحسم في هذا الموضوع في مؤتمر قادم يظلّ غير مؤكد مع التقدم البطيء في تنفيذ اتفاقية باريس 2015 التي يفترض أن تطبق بدءا من سنة 2020، في وقت انطلق فيه المفاوضون في بون في البحث عن سبل تنفيذ هذه الإتفاقية من خلال تحديد كيفية تقديم الدّول لتقارير حول أنشطتها و كيفية حصول المتابعة و المساعدة المالية التي وعدت بها الدول الغنية نظيراتها الفقيرة.

و بذلك يؤجل الحسم في المسألة البيئية رغم أهميتها و رغم تأكيد منظمة الصحة العالمية في تقريرها الصادر مؤخرا على أن تغير المناخ يظل التهديد الأكبر للصحة العالمية في القرن 21 حيث سيتسبّب في حدوث 250 ألف وفاة إضافية سنويا في في الفترة الممتدة ما بين 2030 و2050.

هذا التقرير الذي أكد ارتباط حالات الوفاة تلك بسوء التغذية و أمراض الإسهال و المالاريا والإجهاد الحراري التي تصيب عادة الأطفال وكبار السن والنساء والفقراء.

ولمواجهة هذه الكوارث وفي إطار التضامن و التكاتف بين المجتمع الدولي، تعهّدت الدول الغنية ضمن اتفاقيات دولية بتوفير التمويل المناخي اللاّزم لمواجهة مخاطر المناخ التي تنذر بالأسوأ إثر تمكن كميات الغازات الدفيئة من رفع درجة حرارة كوكب الأرض بمقدار 1.2 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية، إذ تتركّز هذه الغازات في الغلاف الجوي بشكل متزايد مما يهدد بفرضيات و توقعات سلبية جدا على المدى الطويل.

وبغرض الحفاظ على حق الأجيال القادمة في بيئة سليمة و نظيفة ينبغي على المجتمع الدولي أن يبذل مزيدا من الجهد للحدّ من مظاهر التردي البيئي و التغير المناخي الناجمة عن انبعاثات غازات تحبس الحرارة كثاني أكسيد الكربون جراء بعض العمليات التي تحدث للأرض مثل البراكين أو التغير في شدة الأشعة الشمسية و أيضا نتيجة للتطور الصناعي و ما تطلبه من استخراج و حرق مليارات الأطنان من الوقود الأحفوري لتوليد الطاقة.

فهل ينجح الحوار المرتقب على مدار العام المقبل في ردم هوة الخلاف و تقريب وجهات النظر قصد التوصل الى حلول عملية بهذا الخصوص، أم سيظل التأجيل هو سيد الموقف أمام تهرب الدول الغنية من تحمل مسؤولياتها رغم أهمية الخطر الداهم؟

*باحثة في القانون البيئي

 

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.