الرئيسية » حديث الجمعة: في هذا الحجاب اليهودي على رؤوس المسلمات

حديث الجمعة: في هذا الحجاب اليهودي على رؤوس المسلمات

 

 

بقلم فرحات عثمان

 

اللخبطة القيمية التي وصلنا إليها اليوم في ديننا جعلتنا نطبّق باسم الإسلام تعاليم اليهودية والمسيحية كما هي في التوراة والأناجيل بالكتاب المقدّس. فإننا، في عدّة ميادين من الحياة الخاصة، لا نعمل بتعاليم الفرقان، كما الحال في موضوع الحجاب والنقاب؛ وهل أكثر من هذا المسخ للإسلام؟

فرض النقاب والحجاب يهودي:
القول بوجوب الحجاب والنقاب في الإسلام من أفظع ما نشوّه به دين الحنيفية المسلمة، وما جاء بمثل هذا الفرض الذي نعتدي به على حرية العبد في حياته الخاصة، إذ المسلم حر، لا يسلم أمره في شيء إلا لخالقه؛ وهو لا يتجنّى على حريات العبد في أموره الذاتية التي لا علاقة لها بالعقيدة.
الحجاب والنقاب، بل كل ما فيه تغطية للرأس أو البدن، وما اعتبره المتزمتون عورة، بينما لا عورة في التعري في الإسلام، هو مما فرضه الكتاب المقدّس، وما عمل به اليهود والنصارى سابقا، ويعمل به إلى اليوم متزمتوهم. فقد وقع طرح الفرض من طرف عموم أهله بعد أخذهم بمباديء الديمقراطية، فأسسوا لحرية العبد، هذه الحرية التي كان الإسلام قد كرّسها منذ البدية، إذ كان حداثة قبل الحداثة الغربية، تلك هي الحداثة التراجعية rétromodernité. فالإسلام لم يقرّ للحجاب فرضا، رافضا التعدّى على حرية العبد الذي أراده الله حرا في تسليمه له.
الحجاب والنقاب مما تذكره التوراة وتفرضه فرضا على اليهود في المواضع التالية، مثلا، من الكتاب المقدّس، في عهده القديم : الآيات 15 إلى 26 من الفصل 29 من سفر التكوين، سفر أشعيا من أسفار الرسل (الفصل 47، الآية 2)، والمكابيون الثلاث (4. 6)، من النصوص المختلقة، أو المشنة كتبات 72 أ-ب. وجاء العهد الجديد مؤكّدا لذلك في مواضع عدّة، منها: رسالة بطرس الأولى (الفصل 3 الآية 3)، ورسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس (الآيات 11. 3 إلى 11. 15 من الفصل 11)، ورسالته الأولى إلى أهل تسالونيكي (الآية 17، الفصل 5)، ورسالته الأولى لتيموثاوس (الفصل 2 الآية 9).

حقيقية الحجاب والنقاب في الإسلام:
لا شيء مثل الذي سبق في القرآن ولا في السنة الصحيحة. فلا ذكر للنقاب في القرآن، إذ لا نجد فيه إلا كلمة الحجاب أو الخمار؛ والفرق كبير. كذلك الحال في السنة الصحيحة، أي ما اتفق عليه الشيخان، إذ لا نعدوهما، حيث لا ذكر لحديث صحيح في فرض الحجاب. وهذا طبيعي لأن الرسول، تماما كالدين الذي تحمّل رسالته، أعلى من قدر المرأة؛ ولا أدلّ على هذا إلا الاعتراف بحريتها في لباسها، إذ التقوى، بمعناها الصحيح، هي لباس المسلمة الآخذة بالفرقان لا باليهودية ولا المسيحية.

يستعمل الله في الفرقان كلمة الحجاب في مواضع عديدة كفاصل بين المؤمن وغير المؤمن (الإسراء 45 – مريم 17 – المطففين 15 – ص 32 – فصلت 5 – الشوى 51). وهو كذلك بخصوص المرأة، أي بمعنى ستارة تقف وراءها في الآية 53 من سورة الأحزاب. في هذه الآية، يتحدّث القرآن عن الحجاب بخصوص أزواج الرسول للحثّ على احترام حرمة بيت الرسول تجنّبا للعادة التي كانت متفشية بين الأعراب من دخول البيوت بدون استئذان ولا تحرّج، حتّى وإن كان صاحبها عظيم الشأن. وهو في الآية بمعنى ستارة لا غطاء رأس، وهو لا يتنّزل في نطاق فريضة دينية، بل هو تصرف أخلاقي؛ فللآية مقصد تربوي، وليس فيها أي صفة مقدّسة، بما أن الحجاب لا يمس بالعقيدة.

أما الذكر الثاني للحجاب بالآية 59 من نفس السورة، فهي وإن تخصّ أيضا أزواج النبي، فالكلام فيها أوسع وأشمل، يتجاوز نساء الرسول إلى كلّ النساء، إذ جاء في شكل تأديب اجتماعي عمومي. وللأمر الإلهي هنا غاية واضحة، هي احترام المرأة وعدم الإخلال بالآداب اللازمة نحوها. فإذا انتفى عدم الاحترام انتفت ضرورة استعمال ما اعتُبر حجابا، لأن بانعدام السبب ينعدم المسبب؛ وهذا مما يُعرف في القواعد الشرعية والفقه عامة. ثم الآية تتحدّث عن الجلباب، وهو ما يصل القدمين عادة، والذي يرفع جزء منه لتغطية الرأس؛ فهو ليس القناع على الوجه، إذ هو أقرب إلى الوشاح أو شال الرأس، الذي يقع سحبه على الرأس من باب التخلق بالآداب، وليس هو فريضة دينية وواجبا عقديا.

يعود أهل الفقه للقول بتحجّب المرأة إلى الآية 31 من سورة النور التي تتكلّم عن الخمار، وهو الحجاب بمعناه المتعارف عليه اليوم. الآية عامة، لا تخصّ أزواج النبي فقط، ومغزاها اجتماعي تأديبي، دون أيّ خصوصية شرعية عقدية. و أسباب نزولها مرتبطة بنمط الحياة بالمدينة، لما كان فيها من الاختلاط بين الأجناس والمعتقدات، وبين النساء الأحرار والجواري. فمن بين الأخيرات، كانت جمهرة تتعاطى البغاء بأمر أسيادهن في أغلب الأحيان. لذلك غدت العادة بالمدينة أيام الرسول، شأنها في ذلك شأن ما كانت عليه يثرب قبل قدوم النبي، أنّ الحرائر يحرصن على التميّز عن الجواري حتّى لا يقع التحرّش بهن، فكن يرتدين ما يغطيهن عن الأنظار. فلا أسباب دينية في لباسهنّ الذي يحدّد التمييز الطبقي.
لنكف عن مسخ الإسلام!

إن من يعتقد من المسلمات أنهن يتمسكن بدين الإسلام بلبس الحجاب أو النقاب لهن على خطأ فظيع لأنهن لا يقمن إلا بتشويه بالمحافظة فيه على الإسرائيليات التي شابته، أو إحيائها به. فتلك العادات اليهودية المسيحية داخلت ديننا فغيرت بتعاليمهما ما أتى به من تجديد في الإيمان. لذا، من واجب كل مسلمة حسنت عقيدتها عدم الإصغاء لما يتقوّل به من أحبار الإسلام وكهّانه، بينما لا كنيسة ولا بيعة في دين القيّمة. على المسلمة الصادقة الإيمان، الخالصة النية، أن تسأل نفسها قبل لبس الحجاب أو النقاب: هل هي مسلمة أم يهودية أو نصرانية؛ فإن كانت مسلمة حقا، فلا فرض عليها في الحجاب، إنما هي عادة إجتماعية عامة ببلدان المتوسط لا تقوى فيها بالضرورة. فالتقوى الصحيحة في الكسب والتصرف، ودليلهما حسن الأخلاق، لا المظاهر التي يرفضها الدين، لأنها مطية الرياء.

مع العلم أن العديد من المسلمات يلبسن الحجاب والنقاب إما باسم العادة أو خوفا على سلامتهن، إذ كثر عنف المتزمتين الذين يأخذون بالفرض اليهودي المسيحي خلافا لتعاليم دينهم. عندها، لتعلم هؤلاء النسوة المتبرقعات أنهن في أفضل الحالات تلبسن ما لم يفرضه ديننا من لباس تهريجي كالذي نجده في السيرك؛ فالبرقع لهو أشبه بقناع المهرّج لا غير. فهلا اكتفينا بالتلاعب بديننا والتهريج فيه وحرصنا على مكارم أخلاقنا بحسن التصرف وسلامة النية؟ فذاك هو الإسلام الصحيح! لنخلع إذن أقنعة التهريج الإسلامية هذه، الحجاب اليهودي المسيحي، فلا وجود لحجاب بين الله وعبده في الإسلام!

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.