الرئيسية » حديث الجمعة: معجزة القرآن ومبدأ العدل في الإسلام

حديث الجمعة: معجزة القرآن ومبدأ العدل في الإسلام

بقلم فرحات عثمان

ليست معجزة القرآن في مجرد نصه، بل هي في مقاصده التي لا غنى عنها منذ اجتهاد الشاطبي. والاجتهاد لا حد له، إذ حكمة الله ليست في متناول العقل البشري القاصر، الذي ليس له الجزم بفهم قطعي وإلا تأله؛ فهو يجتهد ولا يكف عن الإجتهاد لأجل تطبيق مبدأ العدل، مناط الشريعة الإسلامية.


معجزة القرآن في روعة معانيه في لفظ بليغ وتعلق لفظه هذا بالمعاني السنية في اتصالها بالمقاصد الشرعية. هذا هو الفهم الصحيح للإسلام الذي يتجاهله الحمير من أهله ممن يلبس القداسة للألفاظ بدعوى أنها من القرآن بينما لا يعبّرون إلا عن ارتياحهم لما اعتقدوه من حسن الفهم لحكمة إلهية لا قدرة للبشر إدارك كنهها. وقد رأينا ذلك في ما رواه الفرقان عن النبي موسى والخضر؛ فهل هؤلاء أعلم من نبي الله موسى عليه السلام؟

الشريعة في مقاصدها :
إن من يقف عند نص القرآن، كما يفعل فقهاء الرسم من الأزهر وغيره، ينسى مقاصده التي لا حد لها، إذ هي فتوحات ذهنية لا تنتهي. تلك معجزة القرآن؛ وهم يذلك ينفون ما للدين من علمية وكونية.

فلا أزلية لأحكام دين أصبح مجرد شعائر، ولا كونية لها ما دامت لا تخص إلا نفرا من البشر لا العالم أجمع؛ فكيف يكون آي القرآن مما يهم البشرية جمعاء وقد فهمناه حسب ما سرى في مجتمعنا من العادات العربية واليهودية؟ وها هي اليهودية نبذت ما تشبثنا به؛ فأين العدل في ذلك والمنطق والعلمية، علاوة على العالمية؟

ليست قداسة آيات القرآن في الوضع اللغوي لحروفه، بل هي في ما يقع منه في فؤاد المؤمن من عبر، وما يقتدحه من زناد عقله المتوهّج اجتهادا في العلم النيّر، مستلهما الحكمة اللدنية. ومثل هذا الاجتهاد لا نهاية له ما بل بحر صوفة.

القداسة في الإسلام الصحيح، الذي تجاهله أهله من حملته، وهم كالحمير الذين ذكرهم الله في محكم كتابه، إنما تقوم بأشياء أربعة : لفظ بليغ حامل لمعنى، ومعنى سني به قائم، ورباط وثيق لهما ناظم كالعروة، ثم مقصد هو لب لباب الدين القيّم وباطن كلام الله في ما يتجلّى من روح النص ومقاصده.

المساواة في الإرث قضية مبدئية :
إن القداسة، في ما يخص موضوع الساعة، أي المساواة في الإرث بين الجنسين، هي في العدل بين المؤمنين عدلا تاما. ليس موضوع المساواة في الميراث قضية من يرث أكثر أو أقل، وقد رأينا من تجنّد للتدليل أن للمرأة في الإسلام الحظ الأوفر من الرجل، وكأننا أصبحنا في سوق نخاسة نعدد ما لهذا وما عليه! إنما القضية، كل القضية، مبدئية إذ هي أعلى وأجل من ذلك. إنها قضية العدل في الدين، وهل يستوي المؤمن والمؤمنة في هذا الأمر كما يستويان في غيره أم لا. هذا هو الموضوع لا غيره مما يلبّس به البعض تشويها للدين، ضاربين باطنه ومقاصده بظاهر حرفه.

عن هذا السؤال يتوجّب الرد من طرف من يفقه في الدين شيئا، لا عما يقع في يد المرأة في الميراث، وقد جعلنا من ديننا مجرد آلية لأخذ المزيد من أوساخ الدنيا. كفانا إذن ابتذالا لديننا ولنرتفع به عن فهم حمير الإسلام، بعد أن شنّع الفرقان بأمثالهم في اليهودية، إذ ندد بما وصلت الحال بدين موسى جرّاء ذلك الفهم الأخرق.

وبعد، هل في الإسلام بيعة أو كنيسة حتى نقف عند نهيق الحمير بعد أن ثبتت مضرته بالدين كما نراه بداعش حيث لا فقه بل نهيق أحمرة، بل وزئير وحوش كاسرة ؟ أليست شياطين داعش تدّعي تطبيق الشرعية بحرفها؟ أنريد داعش بدار الإسلام طرا؟ أنريد داعش غدا على أرض تونس السمحة المتسامحة، بلد الاستثناء الإسلامي؟

 

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.