الرئيسية » أضعف الإيمان: نصح إخوان إمارة تونس قبل فوات الأوان

أضعف الإيمان: نصح إخوان إمارة تونس قبل فوات الأوان

أسعد جمعة

 

لئن كنت على قناعة تامّة بأنّ قوله -عزّ من قائل-: ﴿وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَٰكِن لَّا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ﴾ (سورة الأعراف, آية: 79 ) ينطبق تمامًا على صورة الحال، فإنّني –بالنّظر إلى خطورة الموقف- سأجازف بتقديم نصحي لحركة الإخوان المسلمين في تونس عساها تجنّب البلاد مزيد تأزّم الأوضاع.

فالوضع الرّاهن ينطوي على قدر كاف من الاحتقان يعزى إلى سباب إقتصاديّ واجتماعيّة وسياسيّة، بحيث أنّه لا يحتمل احتقان إضافيّ لأسباب عقائديّة. ودور الإخوان في الحيلولة دون ذلك، ولئن كان غير مباشر، فإنّه حاسم.

ويتمثّل هذا الدّور في عدم عرقلة إطلاق يد العدالة فيما اتُّهم به بعض رموز الحركة من جرائم حتّى يكفّ “حليفها” في الحكم عن ابتزازها، بطرق لا يضاهي وضوحها إلاّ مدى إثارتها للتّقزّز. والحقيقة أنّ وجه تقديمنا لهذه النّصيحة ليس هو الحفاظ على الحدّ الأدنى من الأخلاق في الممارسة السّياسيّة، فقد تجاوزنا بدون رجعة كلّ الخطوط الحمراء في هذا المجال، ولم يعد ينفع عقار فيما أفسده الدّهر، بل أنّ الخطر الدّاهم من شأنه أن يعصف بأركان الدّولة برمّتها بفعل التّناحر الإجتماعيّ الذي يترصّد بالبلاد، إن لم يثب الفاعلون السّياسيّون الأكثر تغلغلا في الأوساط الشّعبيّة إلى رشدهم.

ذلك أنّ الضّرر النّاجم عن جبن بعض أنفار قيادة حركة النّهضة ورفضهم لتحمّل تبعات ما اقترفوه من جرائم -أضحت اليوم مكشوفة للكافّة- هو من الخطورة بحيث أنّه يمسّ صميم عقيدة المواطن التّونسيّ. فمن تبعات السّفسطة الرّئاسيّة في يوم الأحد 13 أوت 2017، الدّاعية إلى تنقيح أحكام القرآن الكريم القطعيّة في مسألتيْ مساواة الذّكر والأنثى في الميراث ورفع الحجر على زواج المواطنات التّونسيّات المسلمات من غير المسلمين، أنّ كلمة الله قد وُضعت في اليومين الأخيرين رهن “التّدافع الاجتماعي”، مع ما استتبع ذلك من مزايدات وتشكيك وعنف لفظيّ، وتجاسر على لفظ ومنطوق أحكام القرآن الكريم في الغرض… وتوظيف سياسيّ رخيص من قبل مؤسّسات يحمل عليها الذّود عن المقدّسات.

فدار الإفتاء التّونسيّة مثلا قد أصدرت موقفين متناقضين في نفس اليوم، الأوّل بعدم جواز “تنقيح” هذه الأحكام القرآنيّة، والثّاني مثمّنًا التّمشّي الإصلاحي “لأب التّونسيّين”، ما أفقد أبرز مؤسّسة دينيةّ في البلاد مصداقيّتها وشكّك في نزاهتها. بل أنّ الانتهازيّة السّياسيّة قد أدّت ببعض رموز حركة النّهضة إلى التّنصّل من ضرورة التّقيّد بحدود محكم التّنزيل القطعيّة تفاديًا للمحاسبة القانونيّة، علمًا أنّها آتية لا محالة. وطالما أنّ هذه المؤسّسات، سواء أ كانت هياكل ممثّلة للدّولة أم منظّمات سياسيّة، قد طرحت نفسها للمواطن التّونسيّ على أنّها مصادرة عن خلفيّة إسلاميّة، فكلّ ممارسة مخلّة بالأخلاق المدنيّة تأتيها هذه الجهات المحسوبة على الإسلام تمسّ حتمًا من صورة ديننا الحنيف.

لكلّ هذه الأسباب، وغيرها ممّا يطول شرحه، أدعو الإخوان في ربوعنا إلى تغليب المصلحة العليا للوطن بالاستجابة إلى المساءلة القانونيّة قاطعين الطّريق أمام كلّ مساومة سياسيّة على مواقفهم ذات المرجعيّة الإسلاميّة –المفترضة على الأقلّ- (فلنتذكّر جميعا أنّ مشروعهم الأصليّ كان يهدف إلى تطبيق الشّريعة في بلادنا، وهاهم بسبب تورّطهم في ملفّات تستدعي المحاسبة القانونيّة، عاجزون عن الإقرار بحدود الله)، كما أنصحهم بالتّحلّي بالشّعور بالمسؤوليّة تجاه وحدة هذا الشّعب، ذلك الشّعور الذي غاب عن مناورات رئيس الدّولة السّياسويّة، وا أسفاه،

 

*المواقف والأفكار التي تنشر في قسم “أفكار” لا تلزم إلا أصحابها ولا يعني نشرها من قبلنا تبنينا لها بأي صفة من الصفات .

 

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.