الرئيسية » حديث الجمعة: مرض الإسلام الحالي ومقتضيات مداواته

حديث الجمعة: مرض الإسلام الحالي ومقتضيات مداواته

 

بقلم فرحات عثمان

 

لا أحد ممن حسن دينه وصفت نيّته يشك في أن الإسلام أصبح مريضا ولا بد من مداواته خاصة وأن المرض استفحل وأصبح وباء معديا مع قيام الجاهلية الداعشية الجديدة. فكيف العمل؟ واإسلاماه!

عند استفحال العلّة في الجسم البشري، يصعب تجاهل عوارضها للمريض الذي تحمله العادة على إخفاء مرضه عن العيون؛ بل لا بد من الكشف عنها، خاصة عند الأمراض المعدية التي تتوجب مداواتها ولو بالقوّة.

الكشف عن أسباب العلة الظاهرة والباطنة في الجسم المريض يقتضي تعرية البدن من ملابسه للمعاينة. رغم ذلك، نواصل في بلادنا تعاطي تغطية الأمور باسم الحياء. وهذا يخص أيضا الكشف عن الجسم الاجتماعي. فهو يعاني بتونس من وباء فيه الخطر كل الخطر على صحّته وصحّة من يخالطه، مما يتوجّب تعريته تماما بدون حياء للوقوف على العوارض المرضية الظاهرة والخافية علاوة على التحاليل لتشخيص ما اختل بداخله وفي عقليّته جرّاء العلل النفسية.

تعرية الجسم ظاهرا وباطنا:
مظاهر خطورة المرض أصبحت بادية للعيان في العديد من التصرّفات الخبيثة والأعمال الإجرامية، إلا أن العديد من أهل الحل والعقد يرفضون الخوض فيها كالمريض الذي يحرص على عدم تعرية بدنه لأجل مغالاة في حياء لا محل له، إذ علمنا جميعا أنه لا حياء في دين الإسلام.

من هذه المظاهر ما يبيّن أن البعض في مجتعنا المريض، خاصة على مستوى النخبة الدينية المتحكّمة في عقيدة الناس، يعاني من حالات مزمنة، يتأتّى القدر الكبير منها مما يقتاته جسمه من غذاء معنوي تسمّم لانتهاء صلوحيته لأمد بعيد.

تلك هي صفة قراءة هؤلاء التي أصبحت خاطئة للإسلام فلم تعد صالحة لهذا الزمن إذ تعتمد على فقه تآكل، ولا زلنا نعمل به في العديد من تجلّياته، بينما تهافت أغلبه إلى حد أنه أصبح فاسدا، بما أنه أسّس للطاغوت الداعشي ومجّد الإجرام.
ألم يصل التهوّر بالبعض ممن يدّعي الطب في المصحّات إلى رفض الكشف عن الجهاز التناسلي لطفل بتعلّة أنه بالغ؟ وهل يُعقل أن يطالب إمام، بل ومحامية، إلى الدعوة لقتل الأبرياء لأجل طبيعتهم المثلية التي جعلها الله فيهم والإلقاء بهم من شاهق في قلب العاصمة؟

أي وباء أخطر من هذا على صحة المجتمع الإسلامي، وماذا ننتظر للقضاء عليه بحملة صحية وجوبية واسعة النطاق باسم الصالح العام؟

التخلّص ممّا فسد في فقهنا :
الفهم الداعشي الحالي عند العديد من الفقهاء وأهل السياسة لهو جائحة نفسانية وعضوانية جد خطيرة ستأتي على كل شيء في هذه البلاد، بل وفي بلاد الإسلام طرّا، إذا لم نتصدّى لها في أقرب الأوقات. يكون ذلك بالجرأة على فتح باب الاجتهاد من جديد وبدون تردّد لغربلة الفقه الحالي وتنقيته من كل ما فسد فيه.

كيف للمسلم النزيه الذي يعلم أن دينه رحمة لا نقمة مواصلة الأخذ بهذا الفقه وقد كان مجرّد اجتهاد بشري؟ كيف يقدّس عملا بشريّا فلا يحيّنه، تاركا الآلية التي حثّ عليها القرآن ونادت بها السنّة الصحيحة، أي الاجتهاد المستدام في الدين وتثوير معاني الفرقان بلا هوادة؟

هل يقف اليوم ذكاء المسلم عند اجتهاد مالك وأبي حنيفة والشافعي وابن حنبل؟ وإن كان من بد الاعتماد على السلف، هلاّ أخذنا بما وصل إليه غيرهم منهم، أعلى اجتهادا وأشد تعلّقا بالإسلام كالشاطبي وأساطين التصوّف وقد كانوا شيوخا قدّرهم أهل التزمّت ودان لهم أرباب المذاهب؟

إننا بتونس، الدولة التي تزعم مدنيتها دستوريا، لا ننعدم من دار إفتاء ووزارة للشؤون الدينية، بينما الدين من الأمور الشخصية التي لا دخل للدولة فيها؛ فالإسلام يفرّق بين المجال العام والمجال الخاص. فليتم تكليف هذين الجهازين بالاجتهاد لاستنباط فقه جديد متجدد عملا بأحكام الفرقان والأحاديث الصحيحة كما اتفق عليها الشيخان! وليبدأ بطرح كل ما فسد من اجتهاد السلف!
هكذا وهكذا فقط ننقذ بلادنا والإسلام من الحاقة التي تتهدده، وهي غربته، إذ أنه يتدعدش وفي هذا زواله، فليس في داعش من الإسلام ولا نقيرا. ألا هل بلّغت؟ اللهم فاشهد!

 

*المواقف والأفكار التي تنشر في قسم “أفكار” لا تلزم إلا أصحابها ولا يعني نشرها من قبلنا تبنينا لها بأي صفة من الصفات .

 

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.