الرئيسية » مهرجان قرطاج : عرض “لمدينة”رحلة في الموروث الموسيقي التونسي

مهرجان قرطاج : عرض “لمدينة”رحلة في الموروث الموسيقي التونسي

تم  امس الاثنين 17 جويلية 2017 تقديم  عرض “لمدينة” لنافع العلاني وآمال علوان خلال  الدورة 53 لمهرجان قرطاج الدولي في  المسرح الروماني بقرطاج .

و الموسيقى التونسية بنغماتها و إيقاعاتها المتفردة تبث في السامع الكثير من الحياة… هي موسيقى مبهجة، تدعو للفرح… وعرض “لمدينة” للفنان “نافع العلاني” والمخرجة “آمال علوان” نقل هذا الإحساس بالحياة… اشتغلا على أدق التفاصيل ليصنعا البهجة التي انسلت من رحم الموسيقى التونسية.

لم يكن جمهور عرض “لمدينة” في المسرح الروماني بقرطاج ليلة الاثنين 17 جويلية الجاري كبيرا، ولكنه كان جمهورا نوعيا محبا للموسيقى التونسية، هزته إيقاعاتها المتفردة… حركت في وجدانه الكثير من الحب، والعشق للجمال وللحياة، و الكثير من الذكريات الجميلة التي تثبت أن الموسيقى التونسية بخير، وأن الأغاني التونسية اكبر من الزمن واعلى من النسيان والدليل التفاعل الكبير من الجمهور مع محطات الموسيقى التونسية المتنوعة منذ سنة 1900 إلى اليوم في عرض “لمدينة”

على ركح المسرح الروماني بقرطاج تم تركيز واجهة المسرح البلدي بالعاصمة في ديكور متطابق… هذا المسرح الذي يحتفظ بمائة سنة من العروض الموسيقية والثقافية، يتموقع في قلب العاصمة، رمز يروي في صمت قصصا طويلة عن الموسيقى التونسية وعن الفن التونسي بكل ألوانه… رمز احتل خلفية ركح المسرح الروماني بقرطاج فيما توزعت الفرقة على جانبي المسرح، ليتحول بقية الركح إلى فضاء للرقص والغناء دون انقطاع في عرض كوميديا موسيقية احترم شروطه: غناء، رقص، تمثيل، سينغرافيا، أزياء، ألوان والكثير من الموسيقى والغناء… كان عرضا مبهجا اقترح في شكل قصة حب يرويها “عبد الستار عمامو” على طريقته المتميزة…

استعرض عرض “لمدينة” ثلاث محطات من تاريخ الموسيقى التونسية، أفضلها المحطة الأولى منذ سنة 1900 حتى الثلاثينات، وهي المرحلة التي برز فيها الكثير من الفنانين التونسيين اليهود مثل “حبيبة مسيكة”، و”الشيخ العفريت” وغيرهما.

و قد غنى “نافع العلاني” بصوت جميل “ليام كيف الريح”، “أنا قلبي طاب”، و”لا قولات، لي غليبات”، وغنت ميرا بأسلوبها العفوي الجميل أغان خفيفة مثل “البردقانة”، “مافيش فلوس”، “يا وردة” وغيرها من الأغاني التي اختصرت مرحلة مهمة من تاريخ الموسيقى التونسية مرفوقة بلوحات كوريغرافية ممتعة ومقاطع تمثيلية استحضرت المرحلة بأدق تفاصيلها من ازياء وحضور الجندرمة وتنوع المجتمع التونسي.

أما الفصل الثاني من العرض فبدا مختصرا قياسا باهمية المرحلة التي أنتجت جماعة تحت السور وفرقة الرشيدية والإذاعة التونسية ورافق ذلك حركة فكرية وثقافية كبيرة أثرت بشكل كبير في الموسيقى التونسية وأنتجت أصواتا مهمة في الغناء والتلحين والكتابة أيضا، واستمتع الجمهور ببعض الاختيارات الغنائية مثل “عرضوني زوز صبايا” لصليحة، “كافاليارو” للجموسي، “اليوم قالتلي زين الزين” للجويني، “”مشى في بالك جد عليك” لنعمة، “لا لا ما نحبكش” لعلية”، “زينة يا بنت الهنشير” لعلي الرياحي وغيرها.

واستحضرت “آمال علوان” في هذا الفصل أجواء الكافيشانطا، فظهرت راقصة على الركح ترقص بالكثير من البهجة والجمال، والاشتغال بدقة على التفاصيل جعل “آمال علوان” لا تغفل عن اختيار راقصة بدينة بمقاييس تلك المرحلة؟

أما الفصل الأخير من العرض فقد كان فرصة لاستعراض الفنان “نافع العلاني” لعدد من مقترحاته الخاصة التي تثبت أن الموسيقى التونسية مازالت وفية لروحها لكنها منفتحة في الوقت نفسها على الأنماط والألوان الموسيقية الأخرى.

“لمدينة” أوبيريت موسيقية مبهجة، بثت الكثير من الفرح في الجمهور، الاشتغال على الموسيقى والربط بين المقاطع كان جيدا وموفقا إلى أبعد حد، واللوحات الراقصة كانت منسجمة مع روح العرض، والانتقال بين فصل آخر كان مرتبا بعناية بشكل لم يشعر فيها الجمهور بوجود فواصل أو فراغات أما الأزياء فكانت من بين أهم نقاط قوة هذا العرض الاستثنائي الذي خلف أجمل الانطباعات عند الجمهور والصحافة.

و.ق

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.