الرئيسية » مقاومة الفساد من أجل إطلاق حملة واسعة “أيادي نظيفة”

مقاومة الفساد من أجل إطلاق حملة واسعة “أيادي نظيفة”

بقلم نورة البورصالي

 

إلى حد هذا التاريخ اختصر”القضاء على الفساد”  كما أعلن عنه رئيس الحكومة بصفة ارتجالية وبدون أن يخصص لهذه المسالة الهامة والخطيرة ولو خطابا واحدا أو ندوة صحفية – على إيقاف بعض “بارونات” الفساد وذلك بدون توضيح الأسباب الحقيقية لهذه الإيقافات التي لاقت صدى ايجابيا في مختلف الأوساط .

ولكن الغريب في كل هذه الإيقافات يتمثل في توجيه تهم ليس لها – إلى حد هذا اليوم – علاقة مباشرة أو معلنة بمقاومة الفساد. فالتهم التي وجهت لشفيق جراية من طرف القضاء العسكري في إطار قانون الطوارئ الذي يعود لعهد بورقيبة (1978) هي كالأتي “الاعتداء على أمن الدولة الخارجي والخيانة والمشاركة في ذلك ووضع النفس تحت تصرف جيش أجنبي زمن السلم” وذلك

طبقا للفصول 60 مكرر فقرتين (أولا) و(ثانيا) و60 رابعا فقرتين (ثانيا) و(رابعا) و32 من المجلة الجزائية، و123 من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية .

فالسؤال الذي يطرح نفسه هو كالأتي هل أن المسالة تتجاوز الفساد لتهتم بمسائل أخرى لم يصرح بها بعد. بهذا الغموض قد تصبح مقاومة الفساد مجرد قضية عرضية.

وللتذكير يمثل القضاء على الفساد من أهم مطالب غالب التونسيين وسببا أساسيا للإطاحة بالنظام السابق كما له دور جوهري في الأزمة الاقتصادية والسياسية والأخلاقية التي تمر بها البلاد. ولقد اهتمت بهذا الموضوع لجان وجمعيات وهيئات وهناك ملفات عديدة عرضت على القضاء ولكن بدون نتائج تذكر.

ما نطلبه من رئيس الحكومة
لكي تصبح مقاومة الفساد حقيقة وذا جدوى ولكي لا توظف لأسباب أخرى مثل تحويل أنظار التونسيين عن الاضطرابات الاجتماعية السلمية التي عرفها الجنوب التونسي وطريقة التصدي لها من قبل الحكومة أو تصفية حسابات بين أطراف معينة أو تلميع صورة رئيس الحكومة كما أكد عليه سبر الآراء الأخير حيث ارتفعت نسبة الرضا عن يوسف الشاهد ارتفاعا لم نشاهده من قبل وفي كل الحالات تعتبر العملية ناجحة، فمن الضروري اذن

– أولا أن يعرض رئيس الحكومة على التونسيين برنامجه وإستراتجيته في ما يخص مكافحة الفساد. نقترح في هذا المجال إطلاق حملة واسعة “أيادي نظيفة ” تشمل كل الفاسدين في السلطة ومواقع القرار وخارجها وكل من كانت له صلة ب”بارونا ت” الفساد مثل بعض رجال السياسة وبعض الإعلاميين وفتح ملفات تمويل الأحزاب السياسية وحملاتها الانتخابية الخ . . .

– ثانيا سن بصفة عاجلة قانون “من اين لك هذا” .

– ثالثا التعهد على ضمان الشفافية في متابعة كل أطوار الحملة واللجوء إلى القضاء المدني.

– رابعا التخلي عن المشروع الرئاسي المتعلق بالمصالحة الاقتصادية الذي تتمسك به الرئاسة والذي أعلن مجلس الشعب في رزنامته الأخيرة على مواصلة مناقشته يومي الأربعاء والخميس القادمين . وهذا القرار الذي اتخذ في هذا الظرف بالذات يطرح عدة تساؤلات حول انسجام القرارات بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية ومدى جدية الإرادة السياسية التي عبر عنها رئيس الحكومة في كلمته المقتضبة حول مكافحة الفساد . فهل يقتصر هذا التمسك على إيقاف بعض الأسماء فقط

في دور المجتمع المدني
إن دور المجتمع المدني يتمثل في الضغط على السلطة السياسية لرفع الضبابية على ما يجري وتقديم اقتراحات من اجل فرضها على السلطة التنفيذية وتحقيقها .

أعتبر شخصيا أن مد يد المساندة إلى الحكومة بدون الضمانات المذكورة آنفا ليس من شان المجتمع المدني. فقد يكون من شان بعض الأحزاب والمنظمات الموالية لها. على المجتمع المدني البقاء في فضاء السلطة المضادة وهو قوة ضغط واقتراحات .

وفي الخاتمة، وجب التأكيد على أن التجارب السياسية التي عرفها تاريخنا المعاصر والتي عشناها مباشرة خلال العقود التالية تمنح لنا دروسا لكي لا يعيد التاريخ نفسه وان لا نكون من جديد ضحية الفشل والصدمات من ما يسمى بالغموض السياسي والمناورات السياسية .

لذلك ارفض كمواطنة تونسية أن أعطي شيكا مفتوحا أو صكا على بياض لمسؤول سياسي كان في الحكومة أو خارجها أو في المعارضة وذلك في غياب وضوح سياسي وبرنامج متكامل الملامح وشفافية مؤكدة .فهي ضمانات ضرورية لعملية القضاء على الفساد.

وجب علينا كمجتمع مدني أن نفرض على الحكومة – و بكل قوانا – إطلاق حملة واسعة النطاق يمكن تسميتها “أيادي نظيفة”. فهي تعد – وبدون شك – فرصة تاريخية لإنجاح الانتقال الديمقراطي الذي نصبو إليه .

*المواقف والأفكار التي تنشر في قسم “أفكار” لا تلزم إلا أصحابها ولا يعني نشرها من قبلنا تبنينا لها بأي صفة من الصفات .

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.