الرئيسية » الدكتوراه “نظام قديم” : أطروحات ستذهـب أدراج الرياح إن لم يتم التمديد في آجال الإيداع

الدكتوراه “نظام قديم” : أطروحات ستذهـب أدراج الرياح إن لم يتم التمديد في آجال الإيداع

بقلم: مجموعة طلبة دكتوراه “نظام قديم”

لا تزال قضية النظام القديم للدكتورا الّتي تهمّ المئات من الطلبة (أكثر من 221 طالبا في قاعدة بيانات موثقة) تنتظر حلّا منذ أن أصدرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بلاغا بتاريخ 1 نوفمبر 2016 يقضي بالقيام بإيداع أطروحات الدكتورا في 15 نوفمبر 2016 على أن تتمّ مناقشتها قبل نهاية شهر جوان 2017 عدى ذلك فسيكون بإمكان الطلبة التسجيل في النظام الجديد للدكتورا المعروف بنظام “إمد”،

وهو النظام الذي مازال يثير تساؤلات عديدة حول آلياته التطبيقية وجدواه علميا ومعرفيا وآفاقه المستقبلية وعدم إقتناع الوزير نفسه به. هذا ووفق ما يفيد المسؤولون بأنه في صورة المرور لنظام إمد فلن يتسنى للطلبة إيداع أطروحاتهم إلاّ بعد سنتيْن على الأقل.
على إثر صدور هذا البلاغ دخل الطلبة في وضعية نفسية صعبة وأصبحت مجهوداتهم مشتتة ومركزة على المطالبة بالعدول عن هذا القرار والحق في التمديد بدل التركيز في بحوثهم، حيث قاموا بمراسلة الوزارة في أكثر من مناسبة والقيام بعديد التحركات الميدانية لعلّ أبرزها عقد جلسة إستماع بمجلس نواب الشعب مع لجنة الشباب والشؤون الثقافية والتربية والبحث العلمي بتاريخ 5 أفريل 2017، أما على مستوى الوزارة فقد تمّ لقاء مع المدير العام للتعليم العالي ومستشارين عن الوزارة يوم 23 ديسمبر 2016 ولقاء مع الوزير يوم 27 أفريل 2017 بصفاقس … لكن في كل مرّة تكون الإجابة بأنّ الحل بيد مجلس الجامعات ويتجاوز الوزارة والحال أنّ للسيد الوزير ،كمسؤول أوّل، السلطة العليا المعنوية والسياسية والتقديرية لإنقاذ أطروحات عديد الطلبة خاصة الذين سيحال مؤطّروهم على التقاعد في غياب من يعوّضهم في التأطير.
في هذا الإطار ورغبة في لفت نظر الوزارة وكافة الفاعلين لابدّ من الإشارة إلى عديد النقاط التوضيحية التي تحول دون إتمام الأطروحات في موعدها والإشكاليات التي ستترتب عن هذا القرار:
أزمة التأطير
– إحالة عدد هام من الأساتذة صنف “أ” المخوّلين للتّأطير على التّقاعد خلال هذه السّنة والسنة المقبلة واستحالة تعويضهم في عديد الاختصاصات ممّا يعمّق أزمة التأطير و يهدّد باندثار عديد الاختصاصات وخسارة عديد الأطروحات وشهائد الدكتورا لعدّة طلبة دون موجب إذ لا حلّ أمامهم إلاّ الانتظار لسنوات طويلة حتى يتسنّى للباحثين صنف “ب” المرور للصّنف “أ” (مثال: البيوجغرافيا، هندسة الأساليب
– النّقص المتزايد في عـدد المؤطّـرين صنف “أ” في عديد الاختصاصات في المقابل ارتفاع معدل الطّلبة للمؤطّـر الواحد حيث يتجاوز 15 طالبا في عديد الاختصاصات، وهو ما يحـول دون متابعة البحوث ودون القيام بعملية الإصلاح في أيسر الظّروف خصوصا مع الطلب المتزايد لترؤّس لجان المناقشة والانتداب ولعضويتها ( للإشارة هناك من قبل المرور لنظام إمد باعتباره غير متقدم في أطروحته فلم يجد مؤطّرا ).
تردّي ظروف البحث
– إن أغلبية الأطروحات في المراحل الأخيرة تحريرا أو إصلاحا وهناك من أتمّها وتمّ رفض الإيداع بالمؤسسات الجامعية تحت طائلة تجاوز الآجال. فهل من المعقول أخلاقيا وعمليا الإنتظار لسنتين للقيام بالإيداع أمام تزايد عدد الدكاترة المعطلين وهو ما يزيد من إضعاف فرص النجاح في المناظرات … أمام التناقص المستمر لعدد الخطط المفتوحة بالوزارة وتردّي الوضعية الإجتماعية لأغلب الطلبة ؟
– الغالبية العظمى ممن لم يتمكنوا من إتمام أطروحاتهم في النّظام القديم هم إمّا مساعدون للتعليم العالي (أغلبهم بالمناطق الداخليّة التي تفتقر لأبسط مقومات البحث علاوة على ما تقتضيه الالتزامات المهنية من تنقلات، تدريس، تأطير…) أو طلبة باحثون عاطلون عن العمل اضطر العديد منهم للعمل في ميادين أخرى بصفة وقتيّة لتغطية مصاريف البحث خاصّة في ظلّ إنهاء عقود التّدريس وغلق باب انتداب المساعدين ممّا أثـّر على تفرغهم للبحث.
– نقص التجهيزات و عــــدم توفّر المواد المستعملة (من حوامض وغيرها…) في مخابر البحث ووحداته، وطول فترة الانتظار للحصول عليها.
– عدم توفّر الإمكانيّات والحوافز المادّيّة للقيام بالدّراسات الميدانيّة (استمارات، مقاييس، أخذ عـيّـنات …) ممّا يضطرّ الطّالب إلى تأجيل عمله والقيام ببحوثه على نفقته الخاصة، إن وجد موارد ماليّة، و قد أدّى هذا الأمر بالعديد من الطّلبة إلى مغادرة مجال البحث. هذا علاوة على أنّ الدواعي الأمنية للسنوات الأولى للثورة منعت عديد الطلبة من القيام بالأشغال الميدانية واضطرّ عدد منهم لتأجيل أعمالهم، بل هناك من اضطرّ لتغيير مجال بحثه عقب إعلان بعض المناطق كمناطق عسكرية مغلقة.
– وجوب توفّر شرط النشر لمقال أو أكثر في إحدى المجلات العلمية الأجنبيّة المحكّمة حتى يتمكّن الطّالب من القيام بإيداع أطروحته، مع الإشارة إلى البطء في الإجابة بقبول المقالات أو رفضها مع ما تتطلّبه عمليّة الإصلاح و النّشر من وقت طويل. وفي هذا الإطار فقد تمّ رفض إيداع بعض الأطروحات المنهاة لعدم توفّر مقال منشور.
– الصّعـوبات في النّـفاذ إلى المعلومات في مختلف المواقع الإداريّة وعدم توفّر الاشتراكات في المجلّات العلميّة المتخصّصة…

الإجراءات الترتيبية لإنهاء العمل بالنظام القديم
– إنّ التقليد السائد لإعداد أطروحات الدكتورا هو عدم إحترام الآجال (5 سنوات و11 شهرا) حيث يرى المؤطرون أن مسألة الآجال ثانوية بالنظر لما تقتضيه القيمة العلمية للبحث أمّا إداريا فلم يسبق أن تم رفض إيداع أي أطروحة بداعي تجاوز الآجال، ناهيك أن عديد الأطروحات تجاوزت مدة إعدادها 10 سنوات.
– بخصوص الجوانب الترتيبية لإنهاء العمل بالدكتورا نظام قديم فتبقى محل نقطة إستفهام كبرى أمام ما يروّج من تصريحات على لسان مسؤولين من الوزارة بأنه وقع التمديد عديد المرّات. في هذا الإطار وجب التذكير بأنّ إنطلاق العمل بنظام إمد، الذي ينظمه الأمر عدد 47 المؤرّخ في 4 جانفي 2013، كان يوم 4 جانفي 2013 ، وفي هذا الأمر ينص الفصل عدد 44 بأن يبقى المترشحون المسجلون قبل صدور هذا الأمر (4 جانفي 2013 ) خاضعين لأحكام الأمر عدد 1823 لسنة 1993 (أي النظام القديم). وللتذكير فإن الأمر عدد 1823 لسنة 1993 يحدد مدة إنجاز أطروحة الدكتورا بخمس سنوات (3 سنوات مع سنتي تمديد) وتمنح لجان لدكتورا 11 شهرا كتمديد إستثنائي.
وفق هذه المعطيات فإنّ آخر المسجلين بالنظام القديم يفترض أن يكون يوم 3 جانفي 2013 وبإضافة 5 سنوات و 11 شهرا من المفترض أن يتمّ إنهاء العمل بهذا النظام يوم 3 ديسمبر 2018. وهوما يفيد بأن الآجال العادية والإستثنائية لم تنته بعد.

الإشكاليات المترتبة عن الإنتقال لنظام “إمد”
ـ إن عديد المؤطرين يرفضون التسجيل معهم من جديد بداعي عدم تفرغهم أمام إرتفاع عدد الطلبة، كما أنّه في حالة تغيير المؤطر ،متى وجد، فذلك يطرح إشكاليات منهجية متعددة لأن الأساتذة المؤطرين الجدد عادة ما تكون لهم وجهات نظر مختلفة أو مناهج أخرى في البحث وهو ما يضطرّ الطلبة المعنيين إلى تغيير منهج البحث أو حذف أجزاء هامة من العمل السابق، وهذا المعطى قد يفضي أحيانا إلى إعادة تحرير الأطروحة برمتها.
ـ عدم إحترام للمسار الدراسي والعلمي للطلبة على مستوى الشهائد العلمية: فطلبة النظام القديم هم حاصلون على الأستاذية (4 سنوات) ولا يجوز مساواتهم مع إجازة 3 سنوات أثبتت عدم نجاعتها. أما على مستوى سلك المهندسين فالإشكال أعمق بكثير إذ أن طلبة النظام القديم تلقوا تكوينا بخمس سنوات مع ماجستير قبل التسجيل في الدكتورا أما مع نظام إمد فإمكان الحاصلين على شهادة في الهندسة التسجيل مباشرة بالدكتورا دون المرور بالماجستير.

أمّا عن مقترح الإنتظار لسنتين أو أكثر للقيام بالإيداع فإن ذلك ستكون له ٱثار غير محمودة العواقب والتي من ضمنها:
ـ عدم التمتع بالحق في المشاركة في المناظرات التي تستوجب الحصول على شهادة الدكتورا إلا بعد سنوات إضافية عديدة لطلبة أغلبهم من المعطلين عن العمل ومعدل أعمارهم يتجاوز 35 سنة..
ـ المساس بمبدأ تكافؤ الفرص وإتاحة الأسبقية لمن هو أقل تقدماً في الأطروحة على حساب من أكمل أطروحته واضطر لإعادة الترسيم من نظام قديم إلى نظام “إمد”.
ـ تأجيل فرصة الإرتقاء من رتبة مساعد لرتبة أستاذ مساعد وفي إنتظار الحصول على شهادة الدكتوراه مما يعطل ويحبط تطور المسار المهني.

أمام هذه الوضعية غير محمودة العواقب التي يتخبط فيها طلبة الدكتورا نظام قديم فإن الوزارة مدعوّة لتحمّل المسؤولية والتفاعل إيجابيا مع هذا الملف الحارق بكل مستوياته. وذلك ببفتح باب الحوار وفسح المجال أمام المؤطرين ولجان الدكتورا للقيام بعملهم في أحسن الظروف حفاظا على القيمة العلمية للبحوث وتجنبا لأي خسارة لشهائد علمية. كما أن المطلب الأساسي هو العدول عن قرار 1 نوفمبر 2016 وتمكين كل الطلبة ، دون إستثناء، من التمديد وفق آجال معقولة للإيداع والمناقشة في شهر ديسمبر 2018 دون المرور لنظام إمد.

 

 

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.