الرئيسية » الاستراتيجية العليا للدولة “تونس 2025”: التعريف بما لها وما عليها

الاستراتيجية العليا للدولة “تونس 2025”: التعريف بما لها وما عليها

*بقلم: الأسعد بوعزي

“تونس 2025: دولة نامية، صلبة ومتماسكة ومتصالحة مع نفسها”، ذلك هو عنوان الدراسة الاستراتيجية والإستشرافية التي قدمها مدير المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية الى رئيس الجمهورية يوم 25 افريل 2017 ضمن التقرير السنوي للمعهد لسنة 2016.


بادئ ذي بدء، لابدّ من الاشادة بهذا العمل والتنويه به لما يمثله من رؤية استراتيجية شاملة من شانها ان تساعد الدولة على رسم سياساتها العمومية خاصة وان البلاد تمر بمرحلة انتقالية تتسم بالضبابية ولكونه اول انجاز استشرافي يتعلق بالإستراتيجية العليا للدولة ينشر للعموم للإطلاع عليه والمساهمة في اثرائه.
ولا بدّ من الاشارة ايضا الى ان مدة العشر سنوات التي تغطيها هذه الإستراتيجية وإن كانت تبدو قصيرة (إذ لم يبق سوى سبع سنوات ونصف على افق 2025)، فان المركز التونسي للدراسات الاستراتيجية يفسر ذلك بالحاجة الملحة لرسم خارطة طريق وترسيخ رؤية للخروج بالبلاد من ازمتها وان مدة العشر سنوات كافية لتنفيذ التوجهات الاستراتيجية التي من شانها ان تحقق ديناميكية جديدة تستجيب لتطلعات المجتمع بما يعطي الامل للمواطن الذي ملّ الانتظار.

بعد شرح الخطوط العريضة لهذا العمل والتعريف بأهم نتائجه، سوف ابسط بعض النقاط الاساسية التي لم تشملها هذه الدراسة والتي من شانها ان تحدّ من نجاعتها وتؤثر سلبا على التوصيات المنبثقة عنها.

1) المقاربة المتبعة في عملية الاستشراف:
ان المقاربة التي تمّ توخيها في عملية الاستشراف تقوم على رسم الهدف الذي نطمح اليه ثم البحث عن الطريقة المثلى لتحقيقه مع الاخذ في الاعتبار الصعوبات والمعوّقات التي تحيل دون الوصول اليه والوسائل المتوفرة لانجازه (approche normative).

وبما ان الاستراتيجية الشاملة للبلاد (la stratégie globale) تمثل المستوى الأعلى من حيث بلورة السياسة العامة للدولة التي تنبثق منها الاستراتيجيات القطاعية les stratégie) sectorielles) لمختلف الوزارات والمؤسسات، فانه كان لزاما على كل اللجان المختصة الممثلة لهذه الوزارات (ستة لجان) ان تقدم كلّ في ما يخصها رؤيتها لتونس 2025 ليتم مناقشة كلّ الرؤى وتلخيصها في “سيناريو” يمثل الاهداف السامية للدولة (تحديد الوجهة) ألا وهو: “تونس دولة نامية صلبة ومتماسكة ومتصالحة مع نفسها”.

وقصد بلوغ الهدف المنشود، كان لا بدّ من تحليل الوضع العام على الصعيد المحلي والإقليمي والعالمي لمعرفة التموقع الحقيقي لتونس من الناحية السياسية والأمنية والاجتماعية والجغراسياسية في المشهد العالمي (اين نحن) ثم تشخيص الصعوبات التي تعيقنا على بلوغ وجهتنا والوسائل المتاحة او الواجب توفيرها لتجاوز العوائق وتخطيها (كيف يمكن بلوغ الهدف؟).

وتجدر الاشارة في هذا المجال ان الاستراتيجية التي تمت بلورتها انبثق عنها عدة “سيناريوهات” خصوصية تغطي كل القطاعات الخاصة بالدولة وهو ما يمكن ان يسهّل تحديد الاستراتيجيات القطاعية الخاصة بكل وزارة مع التأكيد على ان هذه الاستراتيجية العامة لا يمكنها ان تنجح ما لم تخرج البلاد من ازمتها الحالية لذلك تم ارفاقها بتوصيات وتدابير لا بد من اتخاذها بصفة استعجاليه حتى لا تدخل البلاد في منزلق خطير يهدد استقرار البلاد ووحدتها.

2) ما هي اهم النتائج والتوصيات المنبثقة عن الدراسة؟
تمخضت الدراسة عن عديد التوصيات الهامة التي تغطي كل المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والثقافية نذكر من اهمها ما يلي:
• ترى اللجنة المكلفة بدراسة ميدان “الدولة والمؤسسات” ان بلوغ الهدف المرسوم “لتونس 2025” يتوقف على نجاح الدولة في التحول الى نظام ديمقراطي متزن ويقوم على الشفافية والولاء التام للدولة والتحلي بالقيم السامية.

وبعد الوقوف على اهم الانجازات التي تحققت بعد الثورة لترسيخ النظام الديمقراطي والإشادة بالدور الذي يلعبه المجتمع المدني في ارساء الشفافية ومكافحة ألفساد، شخصت هذه اللجنة العوائق التي تحول دون بلوغ الدولة لأهدافها ولخصتها في الآتي:

– غياب الوضوح في ما يتعلق بمسؤوليات السلطة التنفيذية بسبب ضبابية وتضارب بعض الاجراءات ألدستورية ،هذا من ناحية، والخلل المسجل في تقاسم هذه السلطة بين رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة بما من شانه ان يؤدي الى ازمة حكم عندما تكون الأغلبية الرئاسية والأغلبية البرلمانية من اتجاهات مختلفة من ناحية اخرى.

– القانون الانتخابي الذي يقوم على التمثيلية النسبية واعتماد اكثر البقايا الذي يشجع على التعددية الحزبية داخل قبة المجلس ما قد يؤدي الى عدم التوازن ضمن المنظومة السياسية وينعكس سلبا على حسن سير الحكومة واستقرارها نتيجة التجاذبات السياسية وعدم التناسق والانسجام داخلها.

– التأخر في بعث بعض الهيئات الدستورية التي نصّ عليها الدستور مثل المحكمة الدستورية والتقاعس في سنّ العديد من النصوص التشريعية ما ادّى الى تعطّل تفعيل بعض الحقوق والحريات الواردة في الدستور.

– غياب الثقة بين المواطن والحكومة ورجال السياسة وتدهور صورة البعض من النخبة السياسية بفعل الفساد والانتهازية والنقص في المؤهلات.

– غياب الشفافية في تمويل الاحزاب والجمعيات والتهرب الجبائي وسوء التصرف في الموارد البشرية.

– غياب المراقبة الجبائية والتأخر في معالجة الملفات القضائية وعدم تنفيذ الاحكام والقرارات والإفلات من العقاب.

– التهاون في محاربة التهريب والاقتصاد الموازي والفساد الاداري.

– الاحباط لدى اللشباب المعطل عن العمل وفقدان العديد من الثوابت والقيم.

هذا، ولئن لم تدعو اللجنة صراحة الى مراجعة الدستور وقانون الانتخابات بما يضمن توازن السلطة التنفيذية، فإنها دعت الى ان تتولى جهة واحدة من بين رأسي السلطة التنفيذية رسم السياسات العامة للدولة (بكل مكوناتها) بما يضمن السير العادي لعمل الحكومة وتوضيح المسؤوليات. كما اكدت على ان “سيناريو تونس 2025” لا يمكن ان يتحقق الا في ضل نظام متزن يحترم حقوق الانسان بصفته مواطن ويتم فيه تقاسم مهام الدولة على الصعيد المركزي بين السّلط التشريعية والتنفيذية والقضائية وتقاسم الصلاحيات بين السلطة المركزية والجماعات المحلية.

• اما الهدف المرسوم من طرف اللجنة المكلفة بدراسة ملف “العقد ألاجتماعي ضمن هذه الرؤية فانه يقوم على “حوار اجتماعي هادئ وتشاركي ومؤسساتي يرسخ الثقة بين الدولة وشركائها من المنضمات الاجتماعية والمجتمع المدني والمواطن كما يدعم العلاقات بين الافراد والاجيال”.
ولبلوغ هذا ألهدف فإن هذه اللجنة حذرت من المخاطر التي تهدد السلم الاهلي وخاصة منها النعرات الجهوية

والقبلية والدعوة الى الكراهية والتطرف والاحتجاجات والإضرابات والشعور باليأس والإحباط وفقدان الثوابت والقيم. كما شخصت كل المعوقات ومنها عدم لاستقرار السياسي واستمرارية الدولة وهيمنة المنظمات النقابية التاريخية على المفاوضات الى جانب الاتّكال على الدولة والموالات لغيرها من الاحزاب وتفاقم البطالة والإضرابات والاحتجاجات.

ولبلوغ الهدف الاستراتيجي المنشود، فإنها تدعو الى تحقيق الاهداف الفرعية التالية:

– ارساء شراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص والمجتمع المدني مبنية على الحوار الاجتماعي الشامل والدائم بين مختلف الاطراف.

– توخي سياسة تنموية تتم بلورتها بصفة تشاركية ويتم تقييمها بصفة دورية من طرف هيئة مستقلة.

– ضمان الخدمات الاساسية للمواطن (مثل التعليم والصحة والنقل) وبعث خطة موفّق الدولة للنظر في الشكاوي المرفوعة من طرف المواطنين في ما يتعلق بهذه الخدمات.

– تفعيل اللامركزية والمجالس الجهوية من اجل ارساء الوحدة الوطنية والتعاون بين الجهات بما يساعد على الحدّ من الرشوة والفساد.

– ارساء التعددية النقابية كحق دستوري وحث النقابات على تحسيس العمال بواجباتهم وحقوقهم.

• اما في ما يخص الملف الاقتصادي فان الدراسة افضت الى انه سوف يكون للدولة دور اساسي في النهوض بالاقتصاد وتحفيزه والعمل على تنظيمه وتحديد الأولوايات في ما يتعلق بالتنمية (Etat stratège). وفي هذا الاطار سوف يكون “لتونس 2025” نظام اقتصادي يقوم على منوال تنموي جامع ومستدام ومنفتح على العالم. هذا النظام سوف يجعل تونس من بين الاربعين دولة الاوائل من حيث النموّ ويساعد على تحقيق نموّ يقدر بـ 6.5 % بداية من سنة 2020 وتوفير 750 الف موطن شغل خلال العشرية المقبلة كما انه سوف يسمح في افق 2025 بمضاعفة الناتج الوطني الخام وحجم الصادرات ومضاعفة حجم الاستثمار بثلاثة مرّات مقارنة بما هو عليه في 2016.

ولبلوغ هذا الهدف تم رسم خطة تقوم على اصدار ما يشبه قانون 1972 جديد خاص بالقرن 21 مع اضافة الانشطة التكميلية المجمعة في ما يمكن تسميته المبادرة الوطنية 4.0: Initiative Nationale 4.0 : Entreprises/Technologies/Régions/Internationalisation

• لجنة الامن والدفاع تميز عملها بالتعمق في التحليل ووضوح المنهجية وملائمة السينارهوات المقترحة لمجابهة للتهديدات المحتملة. وتتلخص استراتيجية الامن والدفاع في التأثير على الحاضر وتوجيهه لما يحقق المستقبل الذي نصبو اليه (proactivité) من اجل ترسيخ دولة دائمة وصلبة (résilience) يقوم الامن فيها على مؤسسات جمهورية تسهر على حماية المصالح الحيوية للدولة وتعمل في كنف احترام دستور البلاد ووفق القانون الانساني والمعاهدات الدولية.

وقد تم بلورة هذه الاستراتيجية بما يسمح بتطبيقها على المدى البعيد (veille stratégique) والقريب من اجل ملازمة الحيطة واليقظة في مراقبة الحدود البرية والبحرية. تم تشخيص كل الاستراتيجيات الفرعية المنبثقة عن استراتيجية الامن القومي لمجابهة كل التهديدات المحتملة المتأتية من الداخل والخارج، التقليدية منها واللاّنمطية بما فيها “السّيبرنية” (cybermenace).

هذا وقد تم تقديم التصورات اللاّزمة لهيكلة الاجهزة الامنية والدفاعية ومن اهم المقترحات التي اوصت بها هذه اللجنة تفعيل مهمة رئيس اركان الجيوش ومنحه الصلاحيات اللازمة لتصور العمليات والسهر على تنفيذها بمساعدة قاعة للعمليات المشتركة وهو لعمري مقترح على غاية الاهمية كم نحن في امسّ الحاجة اليه. وتجدر الاشارة الى ان جمعية قدماء ضباط الجيش الوطني (وانا لست ناطقا باسمها) كانت قد تقدمت الى السلطات العليا المسؤولة على الامن القومي بعديد الدراسات من اجل مراجعة عقيدة القوات المسلحة وإعادة هيكلتها بما يجعلها قادرة على مجابهة كل التحديات والتهديدات الراهنة.

• اما اللجنة المكلفة بتحديد تموقع تونس بين الامم فإنها ترى في تونس 2025 دولة محترمة ومهابة ومؤثرة بسياساتها ومنفتحة على العالم. الاستراتيجية المقترحة في هذا المجال تشجع الدبلوماسية الاقتصادية وتهدف خاصة الى دعم التواجد على القارة الافريقية لتقليص البون الشاسع الذي يفصلنا عن المغرب ومصر من حيث المكانة التي يحتلاّنها في هذه القارة التي سوف تمثل اهم الاسواق العالمية. وضمن سياساتها الخارجية فان تونس تولي اهمية خاصة الى محيطها الأورومتوسطي وتسعى الى الاستفادة من موقعها الجغرافي الذي يجعل منها بوابة أوروبا على افريقيا ونقطة وصل بين غرب المتوسط وشرقه. ولمزيد الاشعاع على محيطها الافريقي والعربي فان تونس ترنو الى القيام بمبادرات من اجل انشاء مجموعة 5 زائد 5 (البلدان المغاربية وبلدان الساحل الافريقي) ومجموعة العقلاء التي سوف تعنى بحل المشاكل التي من الممكن ان تنشأ بين البلدان العربية.

3) النقاط التي لم تأخذها الدراسة في الاعتبار:
لا شكّ ان الاستشراف يهدف الى مساعدة صاحب القرار على اخذ قراره. ويتمثل ذلك في وضع بين يديه عدة “سيناريوهات” تكون مرفوقة بطريقة تمكن من اختيار احدها وبإستراتيجية عمل لتنفيذه.
ولبلورة هذه “السينارهوات” انطلاقا ممّا هو عليه الوضع الحالي، وجب دراسة العناصر التي تتصف بالروتينية والتي تساير الزمن بصفة دائمة دون ان يشوبها تغيّر ذا قيمة (les tendances lourdes) والعناصر الاخرى التي يمكن ان يطرأ عليها تغيّر واضح في وقت ما من الزمن (les ruptures). وبما ان هذه العناصر الاخيرة لا يمكن التفطن اليها بسهولة، وجب الانتباه الى بعض الاشارات الضعيفة والخفية التي يمكن ان تتأكد في المستقبل (signaux faibles ou germes de changement).

ما يمكن ملاحظته في عمل الاستشراف المتعلق “بتونس 2025” ودون التنقيص من قيمة هذا العمل القيّم الذي لابدّ ان نثمّنه ونثني عليه، هو ان بعض الاشارات الخفية والعناصر التي تؤثر في الوضع الحالي او التي سوف يكون لها تأثير في المستقبل غابت عن التحليل وهو ما قد ينعكس سلبا على بعض التوصيات المنبثقة عن الدراسة . من اهم هذه العناصر نذكر ما يلي:

– وجود ثلاثة احزاب دينية مرخص لها من طرف الحكومة غير انها تعادي الدولة ولا تعترف بدستورها ورايتها وتدعو الى تغيير النظام وبعث الخلافة. هذه الاحزاب التي ما انفكت تدعم تواجدها على كامل تراب الجمهورية لا احد باستطاعته ان يضمن حيادها والتأكيد على انها سوف لا تصبح حاضنة للإرهاب. لا يمكن الحديث عن التعايش السلمي والمصالحة الوطنية وإرساء الامن والاستقرار ما لم يتم فصل الدين عن السياسة لا بالقول بل بترسيخه على ارض الواقع.

– انقسام المجتمع التونسي عقائديا بين علمانيين وإسلاميين واتساع الشرخ التنموي والاقتصادي الذي يفصل بين جهات الجمهورية هي من اهم العناصر التي تهدد السلم الاهلي والوحدة الوطنية التي لا يمكن بدونها تحقيق الامن والاستقرار والبناء.

– الاهمية البالغة التي يكتسيها البحر في مستقبل تونس الاقتصادي بوصفه خزان للثروات بما فيها المستدامة يمكن ان تستفيد منه الاجيال القادمة خاصة وان تونس تشكو من قلة الموارد الباطنية القارّية. وللتذكير، فان مساحة الجرف القارّي لتونس تناهز مساحتها على اليابسة وهو يحتوي على عديد الخيرات التي لم يتم استكشافها وهو ما يتطلب في حد ذاته استراتيجية بحرية لتأمينه واستكشافه وترشيد استغلاله برعاية سلطة اشراف تبعث للغرض.

– مراجعة قانون الخدمة الوطنية بما يسمح بساهمة كل ابناء الشعب التونسي في التنمية وتحقيق الامن الغذائي وغيره من الروافد التي تدخل ضمن مفهوم الامن القومي. ولا بد من الاشارة في هذا المجال الى ان جمعية قدماء ضباط الجيش الوطني تقدمت بدراسة الى كل من مجلس نواب الشعب ووزارة الدفاع الوطني تتعلق بمراجعة قانون الخدمة الوطنية بما يسمح بتكوين وحدات مكلفة بالعمليات وأخرى تنموية الى جانب الوحدات الترابية التي تسهر على مراقبة الحدود وتأمينها وإسناد الوحدات التنموية في كامل مناطق الجمهورية وخاصة في المناطق التي يصعب فيها العيش (وقد صرح السيد رئيس الدولة القائد الاعلى للقوات المسلحة في الخطاب الاخير الذي توجه به الى الشعب التونسي يوم 10 ماي 2017 ان الجيش سيكلف بانجاز مخططا تنمويا في الجنوب التونسي). هذا المقترح من شانه ان يحل مشكلة العزوف عن الخدمة الوطنية بما ان الوحدات التنموية سوف تستقبل الآلاف من الشبان في مجهود وطني من اجل التنمية الشاملة تشارك فيه كل مؤسسات الدولة وهو ما سوف يساعد على التشغيل والتكوين والتأطير والرسكلة وترسيخ روح المواطنة لدى ابنائنا.

– استغلال مياه المائدة الصحراوية في تنمية الجنوب وإمكانية حدوث ازمة من اجل تقاسم هذه المياه بين كل من تونس والجزائر والمغرب الى جانب تصور الحلول البديلة لضمان حاجيات البلاد من المياه في ضل الانكباس الحراري وتزايد الطلبات على هذه المادة الحيوية.

– امكانية ظهور كيان يشبه الدولة الاسلامية في المثلث المتواجد شمال “مالي” و”النيجر” و”التشاد” خاصة وان معظم المنظمات الارهابية متواجدة في الساحل الافريقي وان كل التوقعات تشير الى امكانية عودة الجهاديين من سوريا والعراق بأعداد كثيفة الى تلك الجهة التي تتوفر فيها شروط الملاذ الآمن لما عليه تلك الدول من ضعف ووهن جرّاء الفقر والفساد والتناحر بين القبائل والإثنيات. هذا السيناريو متى تم سوف يؤثر مباشرة على الامن القومي لبلادنا وعلى علاقاتها ببلدان الساحل والصحراء.

– توحيد الجهود في ما يتعلق بمراقبة الحدود البحرية وتأمينها ،هذا من ناحية، وبصلاحيات الدولة في البحر من ناحية اخرى. ما نلاحظه اليوم هو تشتّت الجهد بين جميع المتدخلين من بحرية وطنية وحرس بحري وديوانة وبحرية تجارية وغيرها في غياب قيادة موحدة تسهر على التنسيق وترشيد استعمال الوسائل المتوفرة من اجل ضمان الفاعلية والجدوى.

وفي اطار تفعيل الفصل 131 من الدستور الذي يقر بإمكانية احداث اصناف جديدة من الجماعات المحلية كان من المفترض التوصية بمراجعة القانون عدد 52 لسنة 1975 مؤرخ في 13 جوان 1975 المتعلق بضبط مشمولات الإطارات العليا للإدارة الجهوية لبعث سلطة على غرار والي البحر في فرنسا (Préfet maritime) لتتولى تنسيق الجهود بين كل المتدخلين بوضعها تحت قيادة موحدة في ما يتعلق بالعمليات البحرية.

– تشجيع التصنيع العسكري بما يسمح بتحقيق الاكتفاء الذاتي في ما يتعلق ببعض العتاد والمعدات والتجهيزات التي لا تتطلب تكنولوجيا متطورة والتي من شانها ان تساعد على خلق مواطن شغل واستغلال الطاقات والخبرات التونسية الموفرة في البلاد وتوفير العملة الصعبة.

– التفكك الاسري الذي يشجع على الجريمة وتدهور القيم في المجتمع ولا يساعد على ظهور ناشئة منسجمة ومتصالحة مع غيرها من الاجيال وقادرة على المشاركة في بناء تونس الغد.

– تدهور المستوى الجامعي إذ لا توجد أي جامعة تونسية مرتبة ضمن الخمس مائة جامعة الاوائل في العالم طبقا لترتيب “شنغهاي”. هذا الى جانب تهميش الجامعات في داخل الجمهورية (قلة الاساتذة والأساتذة المحاضرون) وعدم تفتح الجامعة على الشركات الصناعية والمحيط وهجرة الادمغة وغياب البحث العلمي.
– تعصير الثقافة بالاعتماد على طرق غير تقليدية وربط شراكة بين وزارات الثقافة والسياحة والصناعات التقليدية.

ما من شك ان بلورة استراتيجية للدولة التونسية بالنسبة للعشرية المقبلة “تونس 2025” تمثل تحدّيا في حدّ ذاته لما يتسم به الوضع الحالي من ضبابية إذ يصعب الاستشراف انطلاقا من هكذا وضعية. ومهما يكن من أمر فان هذا العمل يمثل مبادرة فريدة من نوعها تقدمت بتوصيات يمكن البناء عليها. ومن هنا وجب التنويه بان الملاحظات التي تم تقديمها في شانها اتت لدعمها ولا تنقص من قيمتها شيئا.

*ضابط متقاعد بالبحرية الوطنية

*المواقف والأفكار التي تنشر في قسم “أفكار” لا تلزم إلا أصحابها ولا يعني نشرها من قبلنا تبنينا لها بأي صفة من الصفات .

 

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.