الرئيسية » في الرحلة الإفريقية لرئيس الحكومة: حضر البعد الإقتصادي و غاب البعد الديبلوماسي

في الرحلة الإفريقية لرئيس الحكومة: حضر البعد الإقتصادي و غاب البعد الديبلوماسي


من المفيد أن نقف عند النتائج التي تمخضت عنها زيارة رئيس حكومة الوحدة الوطنية يوسف الشاهد الأسبوع الماضي إلى ثلاثة بلدان إفريقية هي النيجر و بوركينا فاصو و مالي.

و كان الشاهد مرفوقا بوفد هام يضم إلى جانب 4 وزراء معنيين بالشأن الاقتصادي و التجاري و الصحي و الشغلي، ممثلين عن منظمتي الأعراف و مركز النهوض بالصادرات، و ما لا يقل عن 100 من رجال الأعمال و رؤساء المؤسسات الفاعلين في مجالات مختلفة.

وبالرجوع إلى البيانات الرسمية الصادرة عقب هذه الرحلة المكوكية التي سبقتها زيارة إلى السودان للإشراف رفقة الرئيس السوداني عمر البشير على اجتماع اللجنة العليا المشتركة، فإن الحصيلة المعلنة بدت إيجابية سيما و أن المنتديات الاقتصادية و اللقاءات الثنائية المباشرة التي انتظمت هنا وهناك بمشاركة العديد من المنظورين الأفارقة في البلدان المذكورة افرزت ترحابا بالتجربة التونسية بما هي منهاج اقتصادي و دنيا أعمال و مجهود استثنائي في التجارة الخارجية وتصدير الكفاءات التونسية في قطاعات متعددة ثبتت فيها الكفاءة و حسن التدبير و قدرة على التنظيم و التسيير.
و أفرزت الرحلة كذلك الحاجة الملحة إلى دعم التعاون مع هذه البلدان لمزبد دفع التبادل التجاري و تكثيف نصيب الاستثمارات و ترسيخ أوجه التنمية المقامة على منطق الربح المتبادل.

و الملفت للانتباه هو أن البيانات الرسمية ركزت في مضامينها على الديبلوماسبة الاقتصادية التي تبحث حكومتنا على إعطائها الدفع المطلوب حتى تكون سندا قويا للمؤسسات التونسية عمومية و خاصة في تنشيط نسق الصادرات للبضائع و الخدمات. وهو توجه يعكسه في هذه الرحلة بالذات إشراف رئيس حكومة الوحدة الوطنية على تدشين المقر الرسمي للسفارة التونسية في واغادوغو عاصمة بوركينا فاصو. و هكذا تكون الرحلة قد سجلت حضور البعد الاقتصادي و غيبت البعد الديبلوماسي بدليل أن وزير الشؤون الخارجية ولا أيا من ممثليه لم يأخذ مكانا ضمن الوفد المرافق لرئيس الحكومة. فالديبلوماسية وإن اتخذت الشكل الاقتصادي تبقى من مشمولات صاحب حقيبة الشؤون الخارجية الذي باستطاعته أن يوجهها الوجهة الصحيحة والسليمة بالتنسيق التام مع السفراء المعتمدين في البلدان المعنية العارفين بخبايا تلك البلدان و ما يدور في فلكها الاقتصادي و السياسي أيضا.

جانب آخر لا بد من الوقوف عنده في تركيبة هذا الوفد وهو غياب وزير تكنولوجيات الاتصال و الاقتصاد الرقمي و الحال أن الاستعدادات تجري حثيثة و على قدم و ساق في تونس – تزامنا مع هذه الرحلة الافريقية – لاحتضان الدورة الثانية للصالون الدولي لتكنولوجيا الاتصالات و المعلومات الموجه أساسا لبلدان القارة الافريقية (18 -20 أفريل الجاري) و يسبقها المنتدى الدولي للآليات الرقمية المالية ( 17 أفريل) بحضور العديد من الكفاءات الدولية المختصة في هذا المجال.

و الجدير بالملاحظة في هذا الصدد أن عددا هاما من الدول الافريقية أكدت بعد حضورا مكثفا في هذا الصالون ايمانا منها بأنه يشكل فرصة سانحة للتعرف من قريب على التجربة التونسية في هذا القطاع الحيوي و ما يحمله من قدرات على الخلق و الابتكار و الإضافة سيما و ان تونس قطعت أشواطا على هذا الدرب جديرة بالإبراز و أن هذه البلدان الشقيقة و الصديقة قد تكون في حاجة إلى الكفاءات التونسية لدعم مسيرتها في ترسيخ مقومات مجتمع المعلومات و ركائز الاقتصاد الرقمي.

فعلى سبيل المثال نشير إلى النيجر الذي سيساهم بما لا يقل عن ثلاثين عارضا تأكيدا للحاجة الملحة للاستفادة من التجربة التونسية و خبراتها . فالبلاد تعد الآلاف من خريجي الجامعات الذين ينضافون سنويا لرصيد العاطلين عن العمل . ثم إن 55 بالمائة من طالبي الشغل لم يتمكنوا بعد من الحصول على شغل أول .
“و على الرغم من الإرادة السياسية القوية لتغيير الأوضاع في البلاد بالاعتماد على التكنولوجيات الحديثة في دنيا الاتصال و المعلومات – يقول أحد المسؤولين النيجيريين- فإن الكثير ما يزال ينتظرنا في هذا المجال خاصة و أن أغلبية السكان تعيش في المناطق النائية و لا تستفيد من الإمكانات التي تتيحها تكنولوجيات الاتصال وهو ما يولد الحاجة إلى قدوم الخبرات الأجنبية و لا سيما من بلد شقيق و محبوب مثل تونس”.

وجدي مساعد

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.