الرئيسية » الضمادات المضمخة : قصة فساد يفضحها نائب والوزارة تتدخل

الضمادات المضمخة : قصة فساد يفضحها نائب والوزارة تتدخل

%d8%a7%d9%84%d8%b6%d9%85%d8%a7%d8%af%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b6%d9%85%d8%ae%d8%a9

كان النائب عن كتلة الحرة الدكتور الصحبي بن فرج قد كشف في تدوينة له بتاريخ 3 سبتمبر وفي أعقاب حادث خمودة الكارثي في القصرين عن شبهة فساد ضخمة تهم “الضمادات المضمخة” ..

وقال الصحبي بن فرج في تدوينته الطويلة تلك أن رئيس القسم بمستشفى الحروق البليغة ببن عروس أعلمه  بفقدان الضمادات المضمخة (compresses imprégnées) من السوق وهي ضمادات لا غنًى عنها في حالات الحروق الخطيرة والممتدّة.

واضاف النائب : ” عادت بي الذاكرة مباشرةً الى شهر مارس الماضي حين اتصل طبيب رئيس قسم الحروق البليغة بالنائبة نادية زنڤر عن كتلة الحرة واشتكى من تلاعبٍ فاضح خلال إعداد كراس الشروط الخاص بهذا النوع من الضمادات في إدارة الDPM بوزارة الصحة الخاص (dossier d’AMM) …

ثم بيّن لنا الطبيب وبالوثائق والمراسلات الرسمية كيف إعترض وراسل واحتج على تصرفات الادارة خلال تهيئة كراس شروط طلب العروض (cahier des charges d’appel d’offre) الخاص باقتناء هذه الضمّادات والذي صُنع على قياس إحدى الشركات الخاصة بحيث تصبح هذه الشركة في وضع تفاضلي يمكنها من شبه احتكار سوق هذه المادة الحيوية.

تذكرت أيضا، ذلك الوفد من إطارات الصيدلية المركزية الذي اتصل بخلية متابعة قضايا الفساد في الكتلة (وبهيئة مكافحة الفساد) للتبليغ عن التلاعب الذي يقع في مصالح الصيدلية المركزية، بما يخدم مصالح شركات دون أخرى يتم تبجيلها ومحاباتها على حساب قوانين المنافسة

وذكروا لي كمثال موضوع الصفقات المشبوهة بل والمفضوحة للضمادات الطبية، وحذّروا من أن إدارة الصيدلية المركزية تقوم عمليا بعملية مدروسة ل”تجفيف السوق” وتسليمها الى مصنّع واحد وماركة بعينها…وذلك عبر الامتناع عن شراء أو تسويق أي ماركة أخرى منافسة للشركة المدللة.

وبالفعل، وصلنا اليوم الى حالة فقدان هذه الضمادات، من السوق خاصة في الاحجام الكبرى(40صم/40صم) ولم يبق سوى الاحجام الصغرى(10صم/10صم التي لا تفي أصلا بالحاجة)

وفي طريق العودة من مستشفى بن عروس، أعلمني أحد المزوّدين (المغضوب عليهم) بأنه توجد حاليا في مخازن الصيدلية المركزية 2000 علبة من الضمادات المضمخة تابعة لشركته،

هذه الكمية الهامة وقع توريدها على وجه الخطأ وهي تقريبا محجوزة في مخازن الصيدلية التي ترفض قطعيا بيعها الى المستشفيات المحتاجة(لان وضعيتها غير قانونية!!!!). اتصلت فورا بالصيدلية المركزية واستفسرت عن الامر(من مسؤولين في أعلى مستوى) فجاءني الرد كما يلي:

الجواب الاول: بصراحة سيد النائب،لا يمكننا قانونيا التصرف في هذه العلب لان وضعيتها غير قانونية!!!

الجواب الثاني: مممممم سيد النائب، والله نكلم المدير العام ونشوف معاه عن إمكانية التصرف في هذه العلب

(Procédure de régularisation)

الجواب الثالث(بعد جلسة عمل داخلية): في الحقيقة سيد النائب، يوجد لدينا مخزون كافٍ من الضمادات المضمخة تابعة لشركات وماركات أخرى، ولا داعي أبدًا للقيام باجراءات استثنائية للافراج عن ال2000 علبة المحجوزة (قمت شخصيا بوسائلي الخاصة وعبر مصادر متعددة بالتثبّت من حجم المخزون المتوفر وثبت لديَّ انه لا يتجاوز احتياطي أيام معدودة)..

الجواب الرابع: لقد قمنا بإطلاق طلبيات مستعجلة لشراء هذه الضمادات، وعندنا وعود من المزودين بأنها ستصل خلال ثلاث او اربع أسابيع

الجواب الخامس:سيد النائب ، المفروض ان سنقوم بإرجاع هذه العلب “المارقة” الى دولة المنشأ (rapatriement de la marchandise)

سأترجم لكم هذه الأجوبة وألخص العملية كاملة في خمسُ نقاط:

1-الذراع الاداري للوبي الأدوية قام بإعداد النصوص القانونية التي تضمن إهداء السوق الى شركة بعينها(إدارة الDPM بوزارة الصحة)..

2-الذراع التنفيذي لنفس اللوبي(الصيدلية المركزية) قام طيلة أشهر بتجفيف السوق “واغتيال” المنافسة عبر مسالك توزيع التي تسيطر عليها حصريا الصيدلية المركزية، بحيث يصبح إحتكار السوق أمرا واقعًا ومضمونة للشركة المدللة..

3-تأتي حادثة القصرين فجأة لتُعرّي العملية: تهاطل الطلب على الضمادات مقابل مخزون يقارب الصفر (المفروض حسب وثائق الإدارة أننا نمتلك مخزون استراتيجي يكفي 4 أشهر)…

4-ترتبك الادارة وتسرع بإرسال طلبيات مستعجلة الى المزودين يوم 1 سبتمبر (24 ساعة بعد الحادث) رغم ان مطالب التوريد موجودة منذ ماي الفارط…

5-نُعلِم الادارة بوجود 2000 علبة قادرة على تغطية الحاجيات المستعجلة للمستشفيات وأقسام الحروق، فترفض وتتعلل بوضعية غير قانونية (وهي تعلم جيدا أن لها الآليات القانونية والإدارية الكفيلة بتسويتها خلال ساعات، وتعلم جيدا انها استعملت سابقا هذه الاليات في وضعيات أخرى ) وتفضل ان تترك البلاد لمدة 4 أسابيع بدون هذه المادة الاستراتيجية الحيوية..بل وتفكر في إعادة العلب المتوفرة الى بلد المنشأ!!!

ملاحظة: الملف أبلغته النائبة نادية زنڤر الى وزير الصحة السابق، وأبلغه الطبيب رئيس القسم الى كل من يهمه الامر، وقام أعوان الصيدلية المركزية بالتبليغ عنه الى هيئة مكافحة الفساد

وقمت شخصيا بإبلاغ وزيرة الصحة الحالية منذ ساعات، وقد وعدت بالتدخل العاجل للافراج عن العلب”المارقة”..”.

وقد عاد النائب الصحبي بن فرج أمس الى الموضوع ونشر تدوينة جديدة يحيي فيها سرعة ونجاعة تدخل وزارة الصحة ووزيرتها الحالية في هذا الملف العجيب .

وقال الصحبي بن فرج بعد التذكير بحيثيات القضية أن  الوزارة طلبت كل المعطيات حالما أثرنا الموضوع وقامت  ببحث مدقق شمل جميع الجوانب المحاسبية والقانونية والإدارية وطلبت جردًا بالمخزون المتوفر لدى الصيدلية المركزية والطلبيات les commandes . كما  أعادت الوزارة الاستماع لآراء الخبراء والأطباء والصيادلة الذين اعترضوا منذ سنة على التلاعب في النصوص الإدارية والقانونية وكراس شروط طلب العروض .وإطّلعت الوزارة على تقرير المخبر الوطني لمراقبة الأدوية الذي أكد ما جاء في تحفظات الخبراء والتي تم تجاهلها طيلة اكثر من عام، كما إطلعت على حكم مجلس المنافسة الذي يدين الصيدلية المركزية للبلاد التونسية.

14368751_1375419675831590_592963963868908308_n

وقد ثبت لدى وزارة الصحة بالوثائق والارقام والادلة صحة كل المعطيات التي نشرتها حول هذه القضية، واتخذت الوزارة تبعا لذلك كل الإجراءات اللازمة لكسر عملية الاحتكار المبرمج الذي دام أكثر من عام وتزويد السوق بكل شفافية وعدالة بين المزودين في القطاع العام والخاص..”

وختم النائب تدوينته شاطرا الوزارة على سرعة التدخل وأهميته ومطالبا خاصة بمحاسبة كل من ضلع في قضية الفساد هذه معاقبة تجعل منه درسا لغيره.

شكرا للنائب الدكتور الصحبي بن فرج على المجهود والمتابعة والاعلام.

ع.ع.م.

 

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.