الرئيسية » و اخيرا سلم حامد القروي المشعل للشباب

و اخيرا سلم حامد القروي المشعل للشباب

الحركة الدستورية

هو مشعل رئاسة الحركة الدستورية الذي تسلمته عبير موسي خلفا لمؤسس هذه الحركة و حاتم العماري كامين عام لهذا الحزب.

وقد استطاع حزب الحركة الدستورية  في ظرف زمني وجيز تنظيم مؤتمره التاسيسي الحامل لاشارات رمزية عميقة  فلا التاريخ عفوي ولا اختيار المكان ايضا.

انعقد المؤتمر يوم 13 اوت 2016 وهو ما يتزامن مع العيد الوطني للمراة و الذكرى الستين لاصدار مجلة الاحوال الشخصية اول قانون تشهده تونس بعد استقلالها التام  ففي ذلك اعتراف بالفضل للزعيم الراحل الحبيب بورقيبة و لمواقفه الجريئة في سبيل تحرير المراة من حالة الغبن والمهانة التي خيمت عليها ايمانا منه بان المجتمعات العربية و الاسلامية لا يمكنها ان ترنو الى الحداثة طالما هي تتحرك بقدم واحدة  فكان الحسم في تحرير القدم الثانية و تمكين تونس الفتية من تسريع الخطى بقدمين متلازمتين متجانستين لخوض غمار الجهاد الاكبر- الجهاد ضد كل اشكال التخلف  و الشروع في معالجة القضايا الكبرى ابتداء بالتعليم فالصحة فتنظيم النسل الى غير ذلك من القضايا المصيرية التي وضعتها دولة الاستقلال في صدارة اهتماماتها.

و اذ يسلم المشعل للمناضلة الصادقة عبير موسي ففي ذلك اعتراف بفضل هذه المراة المقدامة التي فعلت ما لا يفعله ملايين الرجال عندما تصدت بكل قوة واصرار للهجمات العنيفة التي كالها الثورجيون لحزبها و ابناء حزبها  ثم انها اظهرت من الحنكة والكفاءة ما يؤهلها لقيادة حزب بجمهوره العريض الذي قدم يومها لا من اجل غايات علم الله بها بل من اجل نفض الغبار عن حزبهم الذي ابتلي بالغبن منذ اكثر من 5 سنوات.

و قد اكدت ذلك عبير موسي في كلمتها الافتتاحية لاشغال المؤتمر مبينة ان الحركة الدستورية انما هي امتداد للتجمع الدستوري الديمقراطي و للحزب الاشتراكي الدستوري فهي تواصل للمسيرة النضالية التي اقدم عليها زعماء الحركة الوطنية من اجل تحقيق الاستقلال و بناء الدولة الوطنية فلا غرابة ان يرسم شعار الحزب تحت مبادئ “حفظ الامانة و استمرار الرسالة” و لا غرابة ايضا ان يوضع المؤتمر تحت شعار”الثبات” وهو ما نتمنى ان تنجح فيه عبير موسي تجسيما للمبادئ النبيلة التي انبنى عليها الحزب منذ ايامه الاولى بعيدا عن كل الحسابات الضيقة و الشحصانية المقيتة التي يعرف الجميع نتائجها و عواقبها و لا غرابة ثالثة ان يحتضن فضاء 2 مارس 1934 اشغال المؤتمر فهو تاريخ نشاة الحزب الجديد الذي اراده بورقيبة ان يكون حاملا لرسالة متجددة ” و هذه محطة احرى من محطات تجدد الحزب المتتالية” كما اكد ذلك حامد القروي في خطابه امام المؤتمرين.

فاختيار المكان شكل رمزا عميق الابعاد بالنسبة الى الحركة الدستورية و الدستوريين عموما ولاسيما من تقدمت بهم السن  –فدار الحزب القديمة الكائنة بشارع 9 افريل بالعاصمة تحمل من الذكريات ما به يدون تاريخ بحقباته و ردهاته.

فلا اخال من وطات قدماه  صبيحة ذلك اليوم ممن عايشوا تاريخ الحركة الدستورية من اجيال متتالية جاؤوا من كل جهات البلاد- لا اخالهم الا و قد هز شعورهم احساس خاص و مرهف ليسترجعوا تلك اللحظة التي وقف فيها بورقيبة امام المبنى وهو قادم لتدشينه يوم غرة جوان 1974- وقف بورقيبة وتوجه الى حراسه المقربين قائلا ” انتهت مهمتكم الان سادخل دارنا و لا حاجة لي بالحراسة “.

وهي فعلة لم يتجرا على اتيانها خلفه زين العابدين بن علي عندما اريد له ان يزور هذه الدار فلم يفعل رغم توفر الحراسة المشددة القبلية و البعدية.

و ايا كانت هذه الرموز فان هذا اللقاء الذي جمع للمرة الاولى عددا غفيرا من الدستوريين من اجيال متلاحقة ضمت المناضلين القدامى و المقاومين كما ضمت رجالات الدولة في العهدين السابقين مثل الوزراء الاول (رشيد صفر و الهادي البكوش) و الامناء العامين للحزب( عبد الرحيم الزواري والشاذلي النفاتي و علي الشاوش) وبعض الوزراء و الامناء العامين المساعدين و الولاة و الاطارات العليا الى جانب عدد من ممثلي البعثات الدبلوماسية المعتمدين بتونس- اذن هذا اللقاء الذي تميز بتنظيم محكم قال عنه احد الحاضرين بانه يوحي باللقاءات التجمعية السابقة – اثبتت فيه عبير موسي قدرتها على الخطابة و التواصل مع الجماهيرمع بعض الهنات في الحضور الركحي.

فقد نجحت في تقديم بعض الرسائل السياسية المباشرة اهمها الاستياء من تغافل رئيس الحكومة المكلف عن الدستوريين وما يمكن ان يقدموه من اضافات في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ البلاد- من ذلك ايضا الرفض القاطع  لتقديم الاعتذار عن اخطاء الماضي مؤكدة ان الدستوريين و التجمعيين انما عملوا و انجزوا و ثابروا و اخطاوا و ذلك من طبيعة الفعل البشري.

رسالة ثالثة وجهتها عبير موسي للحاضرين و لسائر الدستوريين داخل الوطن و خارجه وهي دعوتهم الى التوحد و رص الصفوف و العمل اليد في اليد من اجل مصلحة البلاد و خدمة قضاياها بعيدا عن كل اشكال التفرقة و التشتت مؤكدة ان حزبها يمد يديه الى كل القوى السياسية التي تلتقي معه في المبادئ و الاهداف من اجل حاضر البلاد ومستقبل اجيالها.

و يرى حامد القروي ان هذا المستقبل يصعب بناؤه على اسس سليمة ما لم تتوفق المجموعة الوطنية باختلاف مكوناتها الى اقرار المصالحة الوطنية لتوجيه الجهود كلها الى خدمة الاهداف التنموية دونما اقصاء او ضغائن.

و هكذا فان مؤتمر “الثبات” للحركة الدستورية انما هو- على حد تعبير عبير موسي فاتحة “لمرحلة جديدة من عمل الدستوريين صلب حزب مهيكل مستقل بذاته يرفع رايته بشموخ في الساحة السياسية ويتبني كامل موروثه الفكري و السياسي دون انتقائية ولا اقصاء” .

وجدي مساعد

 

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.