الرئيسية » في انتظار العيد : تساؤلات الى سماحة المفتي !!

في انتظار العيد : تساؤلات الى سماحة المفتي !!

رؤية الهلال

بقلم احمد الرحموني*

لم نعد ندري حقيقة على أي شكل وبأية صيغة سيتم الاعلان بعد ايام عن دخول شهر شوال من سنة 1437 هجرية الموافق لأول ايام العيد ؟!!

هل سيعلن سماحة المفتي – الشيخ عثمان بطيخ – مساء الاثنين ان لجان الرصد(لهلال العيد) الجهوية في كل ولاية من ولايات الجمهورية قد قامت بمهمتها على احسن ما يرام مثلما أعلن ذلك مساء الاحد 5 جوان 2016 بشأن رؤية هلال رمضان؟

ام ان سماحته سيعلن -مباشرة و في صيغة أخرى- انه ثبت من اعمال تلك اللجان  تعذر رؤية الهلال او على خلاف ذلك ثبتت رؤية هلال شوال بعد الرصد و التحري.

لكن مهما كانت الصيغة هل سيبقى سماحة المفتي على مستوى تراب الجمهورية ويكون  قراره متطابقا مع نتائج الرصد الذي تتولاه اللجان الجهوية (وهي لجان تعمل في الاخير تحت اشرافه ) ؟ ام سيذهب بنا بعيدا ليعلن انه “عملا بقوله صلى الله عليه وسلم”صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته “وبناء على انه لا عبرة باختلاف المطالع وحيث ثبتت رؤيته في عدد من الدول العربية و الاسلامية (دون ان يسميها )” فان يوم غد الثلاثاء 5 جويلية 2016 هو اول يوم من شهر شوال لهذا العام الهجري 1437 وأول ايام العيد. (راجع بلاغ 5 جوان 2016 الصادر عن مفتي الجمهورية – الموقع الرسمي لديوان الافتاء بالجمهورية التونسية ).

ولاشك ان الصيغة الاخيرة التي تتحدث عن “اختلاف المطالع ” ستحتاج – بالنسبة لعموم الناس – الى تفسير فقهي ربما كانوا غير مستعدين لسماعه او مهيئين لمتابعته رغم ان في تلك الصيغة يكمن التطور الاكثر بروزا منذ الثورة في تعيين بداية الاشهر القمرية.

وحتى لا نعيد ما قلناه في نفس الموضوع تعليقا على توجهات المفتي السابق السيد حمدة سعيد (انظر مقالين لأحمد الرحموني الاول تحت عنوان “ثبوت عيد الفطر بين سيادة الدولة ووحدة الامة “والثاني تحت عنوان “سماحة المفتي من وحدة الامة الى وحدة المطالع “منشورين على التوالي بموقع نواة بتاريخ 28 جويلية 2014 و 17 جويلية 2015) نلاحظ ان سماحة المفتي الجديد قد أقر- في اول اعلان على عهده لدخول شهر الصيام – نفس المبادئ التي اخذ بها سلفه وهي الاستناد الى “مبدا وحدة الامة و جمع كلمتها”وما يسمى”وحدة المطالع “وما يؤدي اليه ذلك بصفة عملية من تقليد بعض الدول العربية او الاسلامية  وتعطيل عمل اللجان التي انشئت محليا لرصد الهلال وتعيين بداية الاشهر القمرية .

وفي ضوء ذلك – ودون الدخول في جدل حضاري وثقافي حول اولوية الدولة او الامة او التنازع بينهما – يبدو من المناسب ان نطرح بين يدي سماحة المفتي الجديد عددا من التساؤلات :

1-هل سيتواصل الاعتماد على لجان الرصد المنشئة تطبيقا للامرعدد  727 لسنة 1988 المؤرخ في 8 افريل 1988 والمتعلق بالسنة الهجرية(الرائد الرسمي الصادر في 8 افريل 1988عدد 23 ص527 ) خصوصا وقد تبين – في مناسبات عدة – اعلان دخول الشهر الهجري بمعزل عن نتائجها رغم التصريح بأنها قامت بمهمتها على احسن ما يرام وهو ما يؤدي الى التساؤل حول الزامية ما تنتهي اليه المعاينات التي تجريها اللجان الجهوية (سلبا او ايجابا)؟

2-هل تقتضي الاجتهادات التي اعتمدها الشيخان حمدة سعيد و عثمان بطيخ تخليا عن تطبيق الرؤية الشرعية في مضامينها و اجراءاتها الواردة بالأمر المذكور لفائدة الاخذ بالآثار المترتبة عن اعتماد وحدة المطالع بين الدول العربية و الاسلامية(مطلقا)والغاء أي اعتبار لاختلاف المطالع (بما في ذلك رؤية الدولة ) ؟

3-هل يمكن للمواطنين التونسيين التحرر طبقا لتلك الاجتهادات (التي تنضم في حقيقة الامر الى جمهور الفقهاء المسلمين) من أي التزام بالرؤية المحلية (أي في حدود “مطلع” الجمهورية التونسية)والتوجه الى التقليد المباشر لدول او لدولة عربية او اسلامية بناء على انه لاعبرة باختلاف المطالع (تبعا لتعدد الدول )كما يؤكد سماحة المفتي؟

وبالمناسبة طبق اية رؤية بدأ التونسيون صيام رمضان الحالي في 6 جوان 2016 بالنظر الى تعذر رؤية الهلال حسب نتائج لجان الرصد الجهوية ؟!!.

لكن ألا يذكرنا هذا التقليد برفض عدد من التونسيين – على ايام الرئيس الحبيب بورقيبة – اعتماد الحساب في تعيين دخول الاشهر القمرية وخصوصا شهري رمضان و شوال ؟

لقد كان ذلك دافعا الى تقليد بعض الدول العربية (كمصر و المملكة السعودية) في صيامهم وإفطارهم كعنوان لصراع سياسي مع الدولة خفت مظاهره بعد الغاء الامر عدد 52 لسنة 1960 المؤرخ في 23 فيفري 1960 (الرائد الرسمي الصادر في 23 فيفري 1960 عدد 9 ص 298) الذي اقتضى تعيين دخول الاشهر القمرية مسبقا حسب التقديرات الفلكية المدققة الصادرة من مصلحة الارصاد.

4-هل من الملائم ان يتم الاجتهاد في هذه المسالة على خلاف النص التشريعي الذي ينظم الرؤية الشرعية واستئناسها بالحساب؟

وهل نحن في حاجة الى استعادة صورة الخلاف القديم (بين الحساب و الرؤية الشرعية) وتحويله الى صراع جديد بين “اختلاف المطالع” و”توحيد المطالع” وبين “سيادة الدولة” و”وحدة الامة” ؟.اليس من الواجب ان نحرص – في شؤون ديننا– على مصالح المواطنين في ان تكون لهم “رؤية” ثابتة ومستقرة بعيدا عن التقليد و التذبذب؟!!

…………………………………………………………………………..

*رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.