الرئيسية » « المثلية ليست مخالفة للطبيعة» حسب أحدث حكم قضائي لبناني

« المثلية ليست مخالفة للطبيعة» حسب أحدث حكم قضائي لبناني

 لبنان

بقلم فرحات عثمان

ما زال البعض ممن في قلبه مرض ونفسه حقد على غيره من البشر يعتبر في بلدنا المثلية فاحشة، بينما هي طبيعة عادية في بعض البشر  وفطرة أرادها الله فيهم؛ فمتى جعل الله في خلقه فاحشة؟

القانون العادل مع المثلية :

لقد ظهرت وتستمر في تونس الحملة المسعورة على المثليين؛ ولعلها ليست حريّة إلا بالاحتقار إذا لم تكن تتم باسم الإسلام الذي هو بريء من أفاعيل البعض من خلقه يشوهونه أكثر من أعدائه.

لذا، لا بد من تحية أصوات الحق التي لم تعد تتردد في الإتيان بكلمة السواء في هذا الميدان إحقاقا للحق وإعلاء لدين الإسلام وقد احترم الفطرة البشرية كلها. ذلك لأن الإسلام عدل أو لا يكون؛ فكيف نعدل مع من أراده الله مثليا؟ أليس في احترامه فطرته كما أرادها الله فيه بإبطال القوانين الجائرة الممثّلة في تونس بالفصل 230، وليس هو إلا من مخلفات الاحتلال الفرنسي؟

إن العدل اليوم ولا شك في الإبطال المتحتم لذاك القانون الجائر؛ فهذا هو الاتجاه القانوني الصحيح في بلاد العالم بما فيها بعض البلدان العربية الإسلامية. وهوذا القضاء اللبناني يأتي بقرار جديد، بعد قرارين سابقين، يبيّن فيه أن المثلية ليست مخالفة للطبيعة، معبّدا بذلك الطريق لإبطال خزي تجريم المثلية في بلاد الإسلام.

فهل يعتبر أولو الأمر بتونس بمثل هذا القرار القضائي ويسعوا أخيرا، ونحن على أبواب اليوم العالمي لمناهضة تجريم المثلية الذي يتم الاحتفال به في 17 ماس الجاري، لإبطال الخزي من قانوننا؟ فليس الفصل 230 جنائي إلا معرّة للإسلام ولسيادة البلاد بما أنه من رواسب الإسرائيليات ومخلّفات الإستعمار!

القضاء ينصف المثليين :

في قرار متميّز، أصدر القاضي اللبناني هشام القنطار يوم الخامس من مايو الحالي قرارا هاما قضى بإبطال التتبّعات في حق شخصي وقع إيقافه حسب المادة 534 من قانون العقوبات اللبناني السند لتحريم العلاقات المثلية، أي هو ما يُوازي الفصل 230 بتونس.فالمادة 534 تنص مثلا على أن «كل مجامعة على خلاف الطبيعة يعاقب عليها بالحبس حس سنة واحدة».

إن للقرار قيمة بالغة الأهمية، إذ هو لا يكتفي بتبرئة المثلي محل التتبّع لانعدام الدليل على ممارسته للجنس، بما أنه تمّ إيقافه على قارعة الطريق لمجرد سبب ارتدائه لثياب نسائية. مع العلم أن القرار تعضر أيضا لحال بغايا ترك سبيلهن أيضا لانعدام قرائن الإثبات.

أما بخصوص المثلية، فقد حلل القاضي قانونيا الفصل 534 ليفنّد التعبير الذي يستعمله، أي «مجامعة على خلاف الطبيعة»، مبيّنا أنها لا تنطبق بحال على فعل العلاقة الجنسية بين شخصين من جنس واحد، وذلك لأن عبارة «خلاف الطبيعة» فضفاضة، «غير محدّدة الإطار والمقصد والمدلول».

فمفهوم الطبيعي حسب رأي القاضي القنطار، وهو مصيب فيه، لا تحديد له أزليا ولا موضوعيا، لأنه يتبدّل حسب آراء الناس وحسب الأزمنة وأيضا حسب الأهواء، وخاصة المنظار التي يُتخذ لتحديد كنه الطبيعي وما ليس طبيعيا. ويتأكد هذا خاصة في ما يخص العلاقات البشرية المرتبطة عضويا بتطور المفاهيم والأعراف والعادات والمعتقدات.

حسب القاضي اللبناني، لا بد من استبعاد أي ربط حتمي بين المفهوم للعلاقة الجنسية الطبيعية والقواعد الدينية والإجتماعية؛ لذا يقرر أن السلطة كل السلطة تبقى للقضاء لتفسير مثل ذلك الفهم الذي لا بد أن يتطور ويتغير حتى «ينسجم مع المباديء العامة المكرّسة في النظام القانوني اللبناني، بدءا من الدستور إلى المعاهدات الدولية وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان».

وهذا ينطبق تمام الانطباق على الوضع القانوني التونسي وعلى مقتضيات الدستور  بدون أدنى شك. وكذلك الحال لبقية حيثيات القرار القضائي، إذ يقرّر القاضي ضرورة احترام «المبايء المكرّسة من قبل منظمة الأمم المتحدة»، وكذلك من طرف منظمة الصحة العالمية التي ألغت المثلية الجنسية من قائمتها للأمراض، معتبرة أنها ليست بتاتا اضطرابا أو مرضا، إذ هي من الطبيعة البشرية ولا تقتضي أبدا علاجا.

خلاصة القول أن المحكمة «ترى أن عبارة المجامعة الحاصلة على خلاق الطبيعة … لا يندرج ضمنها فعل العلاقة الجنسية الحاصلة بين شخصين من الجنس عينه، الذي يأتي في إطار ممارسة الشخص لحرية فردية لصيقة بشخصه ووفقا لميوله دون التعرض لحقوق الغير، فلا يمكن بالتالي أن تنطبق على وصف المخالفة للطبيعة.»

مع العلم أن هذا القرار الثوري جاء ليدعّم قرارين آخرين صدرا بلبنان سابقا بخصوص الفصل المعني هنا، وذلك في 2 ديسمبر 2009 من طرف القاضي منير سليمان، وفي 28 جانفي 2014 من طرف القاضي ناجي دحداح.

بذلك أتت كل هذه الأحكام لتحمي الفئات الاجتماعية المهمّشة والهشة، ومن ضمنها خاصة المثليين المظلومين من طرف قوانين جائرة قروسطية من مخلقات العقلية المسيحية وقوانين الاحتلال، إذ لا تجريم ولا تحريم في الإسلام للواط، بل في اليهودية والنصرانية التي داخلت دين الإسلام عبر ما سُمي بالإسرائيليات.

ونظرا لما في هذا الحكم القضائي من  أهمية لأجل تغيير الذهنيات الظالمة في بلاد الإسلام، نضع على ذمة من حسنت نيته الرابط نحو نص القرار لعله يكون للبعض من قضاتنا وساستنا الحافز اللازم لهبة الوعي الضرورية لتزكية قوانيننا حتى اتكون بحق عادلة كدين القيّمة.

…………………….

*تحميل قرار القاضي اللبناني هشام القنطار 

 

 

 

 

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.