الرئيسية » الصمود ..قصيدة عصام الدردوري من السجن

الصمود ..قصيدة عصام الدردوري من السجن

عصام الدردوري

بقلم عصام الدردوري* 

هذه القصيدة كتبت داخل أسوار السجن، والاحتفال من طرف الظلامين حدث بمجرّد صدور بطاقة الإيداع وذلك بالقطب القضائي . القصيدة ولدت في السجن فهل هو صدق الشاعر؟ أم قراءة في مدى العدوان الآخر (الظلامي).

اعتقدتم أنّكم أرسلتموني إلى السجن

إلى الغياهب

إلى العدم

اعتقدتم أنني هُزمت

وبما كتبتموه لي في ضيْمٍ

قد قبلتُ…

وعلى ارتداء سوادكم وافقت

وبراية العُقاب التي تلتحفونها

سأعوّض راية الوطن

ابتهجتم لجني زقوم مكائدكم

ظننتم أنّكم بسجني انتصرتم

وأشرتم على كتائبكم

من الجنوب إلى الشمال

أطلقتم لهم العنان

ليتسلّوا برؤوس بني وطني

أذنتم لهم بالاحتفال

دعوتم من في الجبال

من في المدن… من في القرى…

دعوتم من في المكاتب المخصّصة لتجارة الأوطان

دعوتم الغربان… وجلّ الفئران…

استوقفتم كلّ دمار مرّ بجحوركم…

ولو كان مروره مرور الكرام

دعوتم كلّ أعداء الحياة

وهل يلتحق بمجالسكم

أيها الحمقى

أيّها الجبناء

مَن ليس من فصيلتكم

من لم يرضع من ثدي قتامتكم

من لم يُؤدّ البيعة لوحشيتكم…

من ليس مهووسا بثقافتكم

من ليس مسكونا… بهواجسكم

من ليس مولعا بالذبح…برائحة الدم

بالتقتيل والتنكيل

**********

بلغكم نبأ سجني

فهرعتم تتسابقون

للاحتفاء بالخبر

وإبلاغ إلهكم

لوفرة الصيد

أقول لكم أيّها الزبانية

يحقّ لكم الاحتفال ولو سنة كاملة

بنصركم المشؤوم

فقد اغتصبتم سرّا وجهرا بريئا يدعى قانون

احتفلوا واسكروا

فأصحاب العزّة لا ينزعجون

************

أقول لكم لا تستعجلوا

خفّضوا من سرعتكم

رويدا… رويدا

فلي موقف كما عوّدتكم

لي خطاب..

لي قول..

لي إنجاز..

لي فعل..

لي سؤال..

لي سهام

فأنا المفكّر الطليق الحرّ

وأنتم السجناء البُكْم

ضميري حيّ أمّا ضمائركم فصخور صمّاء

تهوى الخنوع

عكسي أنا الفتى العصامي

ابن الفتى…

أهوى العزّة والوفاء

للوطن… للشهداء

لضحايا الراية السوداء

أجيبوني إن قدرتم بحقّ تجارتكم

بحقّ إلهكم الذي يجالسكم

كم إرهابيا؟

سيحتفل معكم بسجني

سيرقص فوق الجماجم؟

فأنا الذي قاتلتهم في اليقظة والنوم

ويحقّ لهم توهّمَ النصر

كم ظلاميا سيشارككم وليمتكم؟

كم رأسا مقطوعة ستزيّن موائدكم؟

كم قنّينة دم معتّق ستكون نبيذكم؟

أدرك أنّكم أجبن من أن تجيبوني

لذا لن أطيل انتظاري

فأنا أمقت نفاقكم وأعي جيّدا أنّكم

لا يمكن أن تتحرّكوا خارج مربّع مكائدكم

ودون أمر إلهكم

لذا اصمتوا…

وامكروا لي ما أمكنكم

ألا لعنة الله عليكم

وعلى كلّ أذن أصغت لأراجيفكم

وكلّ يد امتدّت لأياديكم

خلتم أنّكم بسجني انتصرتم

وصوتي قد أخمدتم

وحلمي قبرتم

لكنّكم أخطأتم

فسجنكم لي مفخرة

ووسام شرف…

في زمن صار فيه الدم خمرتكم…

ومضاجعة بعضكم البعض متعتكم…

أقول لكم حاولوا ما استطعتم…قبر أحلامي…

حاولوا لا تيأسوا دحض تاريخ أجدادي

وطموح ملاحمي  في الفتك بأنصار السواد

رغم أنّي أبشّركم مسبقا بالفشل

قبل اللّهث خلف السراب

فالماضي كما الحاضر يكتنز

من أكون أنا ومن تكونوا أنتم

عدّدوا ولائمكم

كثّفوا من مكائدكم

فرغم حصاركم

وهول شماتتكم

ووطأة طعناتكم

لن تعيقني سخافاتكم

سأفضح مؤامراتكم

وسأكفر ما حييتُ

من وراء القضبان أو خارجها

بإلاهكم…

سأثبت أكثر فأكثر

ولن تكون لي في القلب ضغينة

فوجداني لا يسع

غير الأمّ

غير الوطن…

غير الحبيبة

غير السكينة…

*(السجين الشاعر الأمني) رئيس المنظّمة التونسية للأمن والمواطن

 

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.